يختتم، غدا، البرلمان دورته الخريفية وسط سخط وتذمر لدى نوابه وإطاراته من عدم مبادرة رئيسي غرفتيه، عبد القادر بن صالح وعبد العزيز زياري بأي عمل تنسيقي بينهما يخص الأحداث الأخيرة· وأرجعت مصادر رفيعة في البرلمان ''انعدام مثل هذه المبادرات المفترض أن تكون حاضرة بقوة''، إلى ''الحرب السرية المندلعة بينهما''· استغربت إطارات برلمانية ومصادر من التحالف الرئاسي غياب أية مبادرة برلمانية تجمع النواب لمناقشة الأحداث الأخيرة التي عرفتها البلاد، في إطار صلاحياتهما التنسيقية إزاء قضايا الشأن العام، ''على الأقل مثلما تفعل أحزاب التحالف في مبادرات منفردة أو جماعية، معلنة أو سرية''، إذ سبق وأن طالب نواب الأغلبية الأفلانيون أمينهم العام بالترخيص لهم بمساءلة الحكومة حول الأحداث الأخيرة بسبب خطورتها التي تفرض على البرلمانيين التنسيق والفهم من الجهاز التنفيذي ما يحدث· واستغربت المصادر الخلفية التي ترهن ممارسة البرلمان لمهامه ''بسبب حرب باردة بين بن صالح وزياري لاعتقاد كل منهما أنه الأهم في هرم الدولة''· وتتجلى مظاهر هذه الحرب -حسب مصادرنا- في عدم حضور أي من الرجلين خلال كل تاريخ العهدة التشريعية السادسة، أي نشاط تشرف عليه غرفتاهما، باستثناء افتتاح واختتام الدورات البرلمانية، حيث حضورهما بروتوكولي فقط، إضافة إلى أن الرجلين لا يحضران إلا نادرا حتى الأيام البرلمانية التي تنظمها غرفتاهما بشكل منفرد· وتقول مصادر برلمانية إن رئيسي الغرفتين قدما الرعاية لأكثر من مائة يوم برلماني، ''بينما حضورهما لم يكن سوى في أعداد تعد على الأصابع''· وتلفت المصادر الانتباه في هذا الباب إلى ''أنه حتى في اليوم المصيري الذي عرفه الثاني عشر من نوفمبر 2008 بسبب آخر تعديل للدستور، كان من الخطورة على سمعة الساحة السياسية ألا ينسق الرجلان في مثل هذه العملية بفتح النقاش بين البرلمانيين وترك المبادرة لرئيس الجمهورية الذي اجتمعت الغرفتان بأمر منه في قصر الأمم، في وقت يملكان كامل الحرية والصلاحية لذلك بموجب قوانين الجمهورية''· ولدى مصادرنا تفسيرات، تبدو مقنعة إلى حد كبير، للحرب الباردة بين زياري وبن صالح، ''فالأول يعتقد أنه رئيس الهيئة التشريعية الحقيقية والفعلية في البلاد التي لها صلاحيات اقتراح القوانين وتعديلها ومناقشتها، عكس مجلس الأمة الذي يُحال عليه فقط ما ناقشه المجلس الشعبي دون أن يقترح أو يعدل شيئا· أما ''بن صالح فيرى في زياري منافسا له وليس مكملا، إلا أن تعاليه على الثاني يأتي من كونه الرجل الثاني في الدولة بنص الدستور''· وتزيد مصادرنا عن مظاهر تلك الحرب الباردة، صياغة القوانين الأساسية لموظفي البرلمان بشكل إنفرادي عن الآخر دون أي تنسيق يذكر· ورغم خطورة هذا الوضع ''فالأخطر من كل ذلك هو الصراع غير المعلن، لكن المباشر بين الرجلين قبل فترة على خلفية محاولة كل واحد منهما فرض رجل من غرفته لرئاسة الشعبة الجزائرية في مجلس الشورى المغاربي الذي عرف انسدادا لقرابة العامين، بسبب محاولة بن صالح فرض براهيم بولحية عن الثلث الرئاسي وزياري لعيسى خيري المنتمي إلى الأفلان، لتنتهي القبضة الحديدية بينهما بعد صدور أوامر فوقية''، حسبما تؤكده المصادر·