شهد قصر المشور بعاصمة الزيانيين تلمسان، الافتتاح الرسمي لتظاهرة ''تلمسان، عاصمة الثقافة الإسلامية''، وذلك بحضور وزيرة الثقافة السيدة خليدة تومي إلى جانب عدد كبير من الفنانين والشخصيات الوطنية الدينية والفنية. وبالفعل، فقد أبت اللجنة المشرفة على تنظيم التظاهرة إلا أن تعطي لمراسيم انطلاق هذا الموعد الثقافي الدولي، تزامنا مع إحياء الأمة الإسلامية لمولد خير الأنام، طابعا تقليديا خاصا ومتميزا عن طريق تنظيم موكب احتفالي كبير تشارك فيه مختلف الفرق الفولكلورية، سواء كانت محلية أو تلك القادمة من عدة ولايات من الوطن. وقد اختير موقع ''المشور'' العتيق بوسط مدينة تلمسان كنقطة انطلاق الموكب لينتهي بضريح ''سيدي بومدين''، وذلك عملا وتقليدا للموكب الشعبي الذي اعتاد في السابق أهل عاصمة الزيانيين إقامته للاحتفال بهذه الذكرى العظيمة. ومعلوم أن هذا الموكب كانت تتجمع أطرفه من روافد من الناس باختلاف أعمارهم الذين يقضون ليلة المولد في الذكر والإنشاد، على مستوى الزوايا التي تعدها المدينة مثل المامشاوية والبلقايدية والجزولية وبعض مقرات ''الجمع'' التقليدية. وقبل طلوع الفجر بلحظات، بدأ الموكب يتحرك من وسط المدينة نحو ''العباد''، حيث أضرحة العديد من الأولياء الصالحين ومن بينهم ''سيدي بومدين الغوث''، حيث تتصدره -كما وصفه بعض المسنين- الفرق الدينية المختلفة مثل ''درقاوة'' و''عيساوة''، مرددين المدائح والأناشيد الدينية المعهودة. وإلى جانب هذا الموكب، فإن سكان مدينة تلمسان يشرعون في الاحتفالات قبل أيام عديدة من حلول هذا اليوم العزيز على كل مسلم بإجراء الاستعدادات المتنوعة مثل قيام النساء بتخضيب أيديهن وأيدي أطفالهن بالحناء وتحضير الأطعمة والحلويات مثل ''الثريد'' و''تاقنتة'' أو ''الطمينة''، كما تسمى في بعض المناطق. كما تشهد الزوايا إنشاد جملة من المدائح الدينية والابتهالات وقراءة على الخصوص القصيدة الهمزية الشهيرة للبوصري أو كما تدعى ''البردة''. وتحتضن المساجد دروس وعظية يقدمها الأئمة والمحدثون حول السيرة النبوية الشريفة لإلقاء الأضواء على خصال وعظمة الرسول عليه الصلاة والسلام، بالإضافة إلى دروس في التوحيد والتفسير والفقه لجعل من هذه الذكرى فرصة سانحة لتأليف القلوب وتمتين العرى الوثقى بين المؤمنين. وفي تلك اللحظة، يصعد السكان إلى سطوح المنازل أو يخرجون إلى الشرفات والساحات العمومية ويشرعون في ترديد الأهازيج على إيقاع الطبول وزغاريد النسوة تعبيرا عن فرحتهم الكبرى بلحظة ازدياد خاتم الأنبياء والرسل، وكثير من هؤلاء يشارك في الموكب الشعبي التقليدي المذكور.