تقاسم جزائريون قادمون من مختلف أصقاع الوطن، مع التلمسانيين الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، وكان سيدي بومدين جامعا لمختلف الأطياف على وقع الصوت الرخيم لعميد الفن الأندلسي سيد احمد سري الذي صدح عاليا ليلا مس أديم السماء مادحا خير الأنام سيدنا محمد صلى اللّه عليه وسلّم في ذكرى مولده. كان جامع سيدي بومدين بمنطقة ''العبّاد'' صبيحة أمس فضاء للالتقاء والاحتفال على الطريقة الجزائرية حيث تجمّع سليلو الزيانيين بضيوفهم القادمين خصيصا لتقاسم فرحة هذه المناسبة الدينية والاجتماعية على مشارف انطلاق تظاهرة ''تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية'' في السادس عشر أفريل القادم، فتحوّل ضريح هذا الولي الصالح سيدي بومدين الغوث إلى بوتقة صبّت فيها العادات والتقاليد وكذا المعتقدات بحضور عدد كبير من الفنانين الجزائريين المدعوين بالمناسبة على غرار الشيخ الغافور، الحاج الفرقاني، فريدة صابونجي وشافية بوذراع.سيدي بومدين الرجل المتصوف والشاعر، الذي شارك في معركة حطين الشهيرة بقيادة ''صلاح الدين الأيوبي'' وقطعت ذراعه ودفنت في القدس، وتوفي في ''العبّاد'' في طريقه إلى المغرب، وكان قد اختار ثرى تلمسان، ليدفن فيه حينما اشتد به المرض، وحرص كل الملوك على التوالي على ترميم ضريحه، ووظّف الكتاب والموسيقيون من أجيال مختلفة، سيرة الولي الصالح في أعمالهم الإبداعية.وزيرة الثقافة السيدة خليدة تومي أكّدت بالمناسبة على ضرورة أن يحافظ الجزائريون على عاداتهم المتوارثة منذ قرون ونقلها للأجيال المتعاقبة لما تشكّله هذه العادات من تراث ثقافي غير مادي، وقالت ''لقد جاء أبناء سيدي عبد الرحمان الثعالبي ليتقاسموا الفرحة والاحتفال مع أبناء سيدي بومدين الغوث''، مؤكّدة في نفس السياق أنّ هذا الموعد يعدّ مناسبة لإعادة الاعتبار لشتى المظاهر التي يحتفل بها بمولد سيّدنا محمّد على غرار ''المنارة'' الموجودة في احتفالات كلّ مناطق الوطن، لكنّها انحصرت للأسف في مليانة وشرشال. وعلى وقع الأهازيج والبارود وبأنغام العيساوة وسيدي بلال، عاشت جوهرة الغرب الجزائريتلمسان أجواء متميّزة احتفالا بمولد خير الأنام وكانت بمثابة تمهيد لتظاهرة ''تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية'' وقبلة لمريدي مختلف الطرق الصوفية وهواة ''الحضرة'' والضيوف القادمين من شتى أصقاع الجزائر. وبعد هذه الزيارة عرّج زوّار ''أغادير'' على ساحة ''المشور'' المقابلة لدار الثقافة ''عبد القادر علولة'' للاستمتاع بتنشيط ثقافي من توقيع فرقتي ''سيدي بلال'' من سعيدة و''بارود'' من تلمسان، وذلك قبل الافتتاح الرسمي من قبل وزيرة الثقافة السيدة خليدة تومي على وقع أنغام موكب الفرق العيساوية القادمة من تلمسان، عنابة وقسنطينة مع تقديم عروض فنية، وتسليم راية العيساوة لوزيرة الثقافة، مع تسجيل وصول مواكب من مليانة وشرشال تحمل ''المنارة'' رفقة فرقة ''الزرنة''.وتحوّلت قاعة دار الثقافة بعد ذلك إلى فسحة لتمازج المدائح الدينية القبائلية مع ''إخوان معاتقة''، بأهازيج ''الأهاليل'' من تيميمون مع ''بنات المغرة''، وكذا فرقة ''الزفنات لالة فاطمة من القنادسة''، و''الفردة'' من بشار. ومن المنتظر أن يشهد اليوم الأخير من هذه الاحتفالية سهرة فنية تمتدّ جسورها من الجزائر العاصمة إلى تلمسان الساحرة، عمادها أصوات عدد من الفنانين الجزائريين على غرار عبده درياسة وندى الريحان من الجزائر العاصمة، توفيق بن غبريط وليلى بن مراح من تلمسان والمجموعة الصوتية ''نغم''. مبعوثة ''المساء'' إلى تلمسان: نوال جاوت