يؤكد مدير مخبر الوقاية والأرغونوميا، الناشط في مجال البحث في العلوم الإنسانية والاجتماعية ببوزريعة، أن المستوى في الجامعة الجزائرية، بشكل عام، يعاني تقهقرا كبيرا، معتبرا أن الجامعة نفسها تقف حجر عثرة في طريق تطور البحث العلمي في الجزائر· أكدت المديرية العامة للبحث العلمي والتطوير التكنولوجي، المستوى المتدني الذي يشهده مجال البحث العلمي في الجزائر في العديد من التخصصات، وكذا احتلال الجامعات الجزائرية ذيل القوائم في الكثير من التصنيفات الدولية، ما هي أسباب هذا الوضع في نظركم؟ للأسف، هذه الأمور صحيحة إلى حد ما، فالجامعة نفسها لا تعطي أية أهمية للبحث العلمي، ولا تقدم أية تسهيلات للباحثين للمشاركة في ملتقيات علمية دولية أو حتى وطنية، بالإضافة إلى الانغلاق الذي تعيشه الجامعة على نفسها، لأنه من المفترض، مع إدخال النظام الجديد ''أل·أم·دي'' كان لابد عليها أن تنفتح على المجتمع والمؤسسات الاقتصادية، إلا أن هذا لم يحدث، وبالتالي ظهر نقص في التكامل بين الجامعة والمحيط، وهو ما عطل دور الجامعة في المساهمة في التنمية الاقتصادية وتطور المجتمع· لكن هذه الأسباب قد تعرقل مسألة تطور البحث، لكنها لا تقضي عليه؟ فكرة إنشاء مديرية البحث والمخابر العلمية كانت خطوة ممتازة في مجال تطوير البحث العلمي، لكن هناك عراقيل إدارية كبيرة على مستوى الجامعات، وكأن هذه الإدارات تحاول توقيف عمل المخابر، فلا توجد أية تسهيلات أو دعم للفرق البحثية، التي تعمل في ظروف سيئة ولا تتلقى أي تحفيز، مثلا سأشارك قريبا في ملتقى علمي في حلب بسوريا الجامعة منحتني 500 أورو، ومبلغ كهذا لا يحفز أي باحث للسعي وراء هذه التظاهرات العلمية، التي مجرد المشاركة فيها بحاجة لدفع حقوق التسجيل، ناهيك عن مصاريف التنقل والإقامة··· الخ، كما أن المخابر لا يمكنها تغطية هذه النفقات، خصوصا وأن مخابر البحث في جامعة الجزائر ميزانيتها متوقفة منذ سنة 2008، هذا من جهة· ومن جهة أخرى، الجامعات نفسها لا تؤمن بعمل المخابر البحثية التي يعتبرونها بلا معنى· القانون الأساسي للباحث لا يسمح للباحثين بالتدخل في مسألة التأطير الجامعي ''التدريس''، ألا تعتقدون أن هذا الأمر يوسع الفجوة بشكل أكبر بين العاملين في إطار البحث والجامعة؟ هذه المسألة جاءت في إطار مختلف، أي لدعم مشروع البرامج الوطنية للبحث، حيث خصصت منحة للأستاذ الباحث، وذلك بغرض التركيز على البحث كي لا يبقى مشتتا بسبب السعي وراء الساعات الإضافية، التي توفر ما يعادل هذه المنحة· من بين الأمور التي استغلت في تصنيف الجامعات، مسألة غياب النشر، الذي يعد من بين العقبات الكبرى التي تواجه خريجي الجامعات الجزائرية خاصة في شهادة الدكتور، هل الجامعة الجزائرية عاجزة حقا عن إنتاج مجلة علمية؟ شخصيا، قبل مسألة النشر، أفضّل الاهتمام بمضامين الأطروحات بالدرجة الأولى، لأن المستوى في الجامعة اليوم ضعيف جدا على كل المستويات، هناك انتشار ملفت للسرقات العلمية، هناك انتشار كبير لظاهرة الغش في أطروحات الدكتوراه، ناهيك عن المستوى المتدني للطلبة أنفسهم، وأعتقد أن الأمر سيتفاقم أكثر مع النظام الجديد الذي يعتمد على التكوين قصير المدى· ما هو الحل باعتقادكم؟ لابد من البحث عن سبل حقيقية لرفع مستوى الإنتاج العلمي، وفسح المجال أمام الجامعيين المهتمين فعلا بالبحث، وإعادة النظر في مسألة المنح القصيرة في الخارج واستبدالها بمنح طويلة أو متوسطة المدى، لكن تأتي بفائدة حقيقية عن طريق العمل الميداني والدراسات التطبيقية، وكذا دعم متابعة الملتقيات العلمية، ومن الضروري أن يتم هذا في ظل مراقبة حقيقية تجعل من الجامعة تساهم في بناء عملية التنمية الوطنية·