الرسالة المسجلة للرئيس الأمريكي باراك أوباما التي بثها البيت الأبيض على موقعه الإلكتروني بمناسبة حلول شهر رمضان الكريم ، والموجهة للعالم الإسلامي، ربما ستضيف مزيدا من الظلال على صورة الرئيس الأسمر، سيما مع زيادة نسب المشككين حول مسيحيته أو من يربطونه بأصوله الإسلامية أكثر من أي شيء آخر· حيث أكدت عدة استطلاعات للرأي أن الأمريكيين أصبحوا أكثر قلقا بشأن ''ديانة رئيسهم'' عقب الخطاب التاريخي الذي ألقاه في القاهرة متوجها من خلاله إلى العالم الإسلامي، حيث رأى كثير من المحللين أن التفاصيل الدقيقة التي ذكرها ''أوباما'' حول الإسلام والتي بدا أنه ملما بها بشكل جيد، فضلا عن التقدير الكبير الذي حملته مفرداته لدى الحديث عن مساهمة المسلمين في مسار الحضارة عبر التاريخ ، كل ذلك كان قد دفع الامريكيين لأعادة ''تعريف الرئيس عقائديا''·· هذا بالرغم من أن-الجميع كان يدرك- أن الرسالة الأهم في ذلك الخطاب، كانت سياسية، وهدفت - بالأساس - إلى ''تحسين صورة الولاياتالمتحدة'' وترميم علاقاتها المتدهورة في العالم الإسلامي· ويستغل ''أوباما'' مرة أخرى حلول شهر رمضان ليبعث ذات الرسالة، وبلغة القرآن الفصحى ''رمضان كريم'' قبل أن يعود ليؤكد إن ''طقوس هذا الشهر تذكرنا بدور الإسلام في نشر العدالة والتقدم والتسامح واحترام حقوق الإنسان''· ويضيف أوباما ''في هذه المناسبة أريد أن أجدد التزامي بفتح صفحة جديدة بين أمريكا والمسلمين حول العالم''· وإذا ما كانت العبارة الأخيرة واضحة فيما يتعلق بتحديد الأهداف التي يسعى إليها الرئيس ''الديمقراطي''، من خلال الدعوة لمصالحة تاريخية مع العالم الإسلامي وإنهاء سياسة التعاطي العنجهي التي تبناها سلفه تجاه هذا الجزء المهم من العالم·· فإن استغلال المناسبات الدينية والقومية، والقدرة الفائقة - التي يتمتع بها الرجل - في التقاط العناصر الإيجابية ذات الرمزية القيمية والعقدية العالية من تواريخ وديانات الشعوب، للاستفادة منها في بناء دعائم العلاقة المبتغاة، سيبقى يمثل - بلا شك - إحدى العلامات الفارقة في سياسة أوباما الجديدة، سيما وأنه ابتدر هذا التقليد مع الدولة التي ظلت تعتبر إحدى أكثر الدول معاداة للولايات المتحدة، وإحدى أضلع محور الشر (حسب تقدير بوش الصغير)، وهي إيران التي استغل أوباما احتفالها بعيد ''نوروز'' الفارسي ليبعث إليها بتهنئة مقرونة برغبة أكيدة في طي صفحة الخلاف·