عندما داس جابر عصفور، وهو من أدباء الزحف الأخضر السابقين، على دماء شهداء ميدان التحرير، وقبل بالانضواء تحت لواء الزعيم الديكتاتور المطاح به حسني مبارك، راضيا بوزارة الثقافة التي طالما حلم بها· تدافع مجموعة من المثقفين والأدباء العرب على إدانة هذا الفعل المشين، وبسبب النقد الشديد الذي انهال عليه، قدم جابر عصفور مساء يوم الأربعاء 9 فيفري 2011 استقالته من منصبه بحجة (ظروف صحية)· لقد اتهمه البعض بالخيانة والغباء والجشع، ذلك أن بريق المنصب أعمى بصيرته على رؤية دماء شهداء ثورة 25 يناير· وراح آخرون يسجلون مواقفهم الاستهجانية بحماس ضد جابر عصفور، ساخرين من منظره وهو يؤدي اليمين الدستورية أمام الملفوظ من التاريخ حسني مبارك· موقع ''الجزيرة نت'' تواصل يومها مع المثقفين الذين اجتمعت آراؤهم على رفض هذه الخطوة· وكانت الروائية المصرية ميرال الطحاوي أستاذة الأدب بالولايات المتحدة، أول المتحدثين للموقع الذي وصف نبرتها بالحادة الغاضبة، وهي تتناول خطوة عصفور بشكل خاص، إذا قالت: إن ثورة شباب مصر أسقطت كل الأقنعة في الفن والسياسة والثقافة· وأبدت الروائية امتعاضها مما قام به جابر عصفور وقالت ''هذا الرجل سقط منذ زمن طويل·· سقط حين باع كرسي طه حسين ليشتري كرسي وزارة الثقافة، هذا رجل باع تاريخ كل رفقائه ولم تفلح كل الأقنعة التي ارتداها أن تجمّل وجهه· كل من عرف واقترب من جابر عصفور يدرك ذلك''· ولم تقف عند هذا الحد بل ناشدت كل المثقفين العرب كما كل المثقفين المصريين أن يعلنوا معها تبرأهم من حقائب الدم والفساد·· حقائب الوزارة التي تزيّف إرادة الشعب· وختمت ميرال الطحاوي حديثها للجزيرة نت باعترافها أنها لا تشعر بالصدمة لما حدث وإنما فقط لم تكن تتصور أنّ بإمكان ''أي مثقف أن يتدنى إلى هذا الحد· لقد صار مطلوبا محاكمته ومحاكمة وزير الثقافة السابق ومحاكمة مبارك''· لا أظن أن أحدا يختلف مع صاحبة ''بروكلين هايتس'' المرشحة ضمن القائمة القصيرة لجائزة ''البوكر'' العربية· فكل ما قالته صحيح ولكنها لم تخبرنا عن موقفها من جابر عصفور في ظل الأحداث الأخيرة التي تشهدها ليبيا· ما أشبه اليوم بالبارحة، فمثلما لعب جابر عصفور قبل أيام دور الوزير البديل في حكومة الوقت الضائع من معركة الشعب المصري ضد النظام، لعب قبل سنوات دور الفائز البديل في ''جائزة القذافي العالمية للآداب''، ,2009 فاستلمها راضيا مرضا، بعد أن رفضها كاتب إسباني كبير· في مقال له بجريدة ''الجزائر نيوز'' كتب الأديب الجزائري الخير شوار ما يلي: ولم يكد أن يرتاح عصفور من كابوس الوزارة حتى انفجرت الأحداث في ليبيا وذكّره الجميع بجائزة القذافي التي قبِلها··· ووجد جابر عصفور نفسه في موقف أكثر حرجا مما كان عليه عندما صعد إلى كرسي الوزارة، على جثث ضحايا ميدان التحرير الذين قمعهم بلطجية البغال والجِمال· وقال جابر عصفور بداية هذا الأسبوع: ''بعد ما جرى وما شهدناه من ارتكاب كل هذه الجرائم بحق شعبه، وقتله للمتظاهرين العزل المطالبين بأبسط حقوقهم الإنسانية، أرى أنه لا يشرفني أن تكون جائزة القذافي العالمية للآداب بين الجوائز التي حصلت عليها طوال مسيرتي العلمية، كونها تحمل اسم هذا السفاح''· وأضاف إنه سيبحث ''خلال الأيام المقبلة عن طريقة ملائمة تمكنني من رد الجائزة للشعب الليبي العظيم''· ها هو جابر عصفور يعلن موقفه من نفسه ويعترف بالخطأ الجسيم الذي ارتكبه، فمتى تعلن ميرال الطحاوي موقفها وهي المعروفة بأنها واحدة من فريق أدباء الزحف الأخضر· عام ,2002 نظمت جائزة السفاح ندوة فكرية دولية ''معمر القذافي·· كاتبا ومبدعا''·· حضرها العديد من المفكرين والكتاب والمبدعين· وقُدم في هذه الندوة ما يزيد عن أربعة وثلاثين بحثا تناولت جميعها نواحي الإبداع المختلفة للمبدع السفاح معمر القذافي· وكان من بين المشاركين والمشاركات الكاتبة ميرال الطحاوي التي لا شك أنها أثنت على أدب الزعيم القائد وعددت مزاياه· والسؤال·· ما معنى أن تقف كاتبة من الجيل الجديد إلى جانب ديكتاتور معتوه في دولة أخرى· تشيد به وتنشد له، على أمل أن تحصل على مستحقات مالية بالدولار· ألم تكن ميرال رفيقة جابر عصفور في رحلة الزحف الأخضر!!·· ألم تقف في الطابور على أمل أن تحصل على نصيبها من رشاوى نظام الحكم في طرابلس!!··؟؟·· حقا إنها لمأساة···