قالت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون، أمس الثلاثاء، إن ليبيا قد تتحول إلى ديمقراطية أو تواجه حربا أهلية طويلة· في وقت ينشر العقيد القذافي قواته غرب ليبيا، مما ينذر بسقوط المزيد من الضحايا· بدت وزيرة الخارجية الأمريكية متخوفة من مصير الثورة الليبية، ودعت في شهادة أمام الكونغرس معدة سلفا مجلس الشيوخ الأمريكي لعدم إجراء خفض كبير للإنفاق على الجهود الدبلوماسية والمساعدات الأجنبية على الرغم من المخاوف بشأن الدين القومي· وقالت إن ليبيا مثال على كيف تحتاج الولاياتالمتحدة إلى أموال للتعامل مع أزمات في الخارج· وأضافت ''في الأعوام القادمة ستصير ليبيا ديمقراطية سلمية أو قد تواجه حربا أهلية طويلة''· وعلى صعيد آخر، نشر الزعيم الليبي معمر القذافي، أمس الثلاثاء، قوات جيشه في منطقة قريبة من حدود بلاده الغربية في تحد للضغوط العسكرية والاقتصادية للدول الغربية، مما زاد المخاوف من منحنى أكثر عنفا في واحدة من أكثر الاحتجاجات دموية في العالم العربي· وتنامت الشكوك في أن الزعيم المخضرم الذي يشغل السلطة منذ أكثر من أربعة عقود لا يفهم حجم القوة المحتشدة الآن ضده والتي أنهت سيطرته على شرق ليبيا· وقال سكان في نالوت إن القوات الموالية للقذافي انتشرت من جديد لبسط سيطرتها على البلدة الواقعة على بعد 60 كيلومترا من الحدود التونسية في غرب ليبيا، لتؤكد أنها لم تسقط في أيدي المحتجين الذين يسعون إلى إنهاء حكم القذافي· وأعلنت واشنطن، أول أمس الاثنين، أنها تحرك سفنا وطائرات إلى مناطق أكثر قربا من ليبيا، وقالت الولاياتالمتحدة التي يعمل أسطولها السادس من إيطاليا إنها تعمل على وضع خطط طارئة تشمل مساعدات إنسانية· وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إن حكومته ستعمل لإعلان منطقة ''لحظر الطيران'' فوق ليبيا لحماية الشعب من هجمات قوات القذافي· ويرى محللون أن التحرك عسكريا ضد القذافي ليس مرجحا· وفي إشارة تشكيك في التفكير العسكري الغربي، قالت فرنسا، أمس الثلاثاء، إن المساعدات الإنسانية يجب أن تكون لها الأولوية فيما يتعلق بليبيا لا التحرك العسكري للإطاحة بالقذافي· وصرح فرانسوا بارون المتحدث باسم الحكومة الفرنسية بأنها أرسلت طائرتين محملتين بالمعدات الطبية والأفراد إلى مدينة بنغازي الليبية، ويسيطر عليها الآن المحتجون المعارضون للقذافي وأن طائرات أخرى ستلحقهما· وناقشت الولاياتالمتحدة وحكومات أجنبية أخرى، أول أمس الاثنين، خيارات عسكرية للتعامل مع ليبيا، بينما سخر القذافي من التهديد الذي تشكله الانتفاضة الشعبية على حكومته· وقالت سفيرة الولاياتالمتحدة في الأممالمتحدة سوزان رايس إن الولاياتالمتحدة تجري محادثات مع شركائها في حلف الأطلسي وآخرين بشأن الخيارات العسكرية الخاصة بالتعامل مع ليبيا· ونفى القذافي استخدام سلاحه الجوي لمهاجمة المحتجين، لكنه قال إن طائرات قصفت مواقع عسكرية ومستودعات للذخيرة· ونفى أيضا وجود مظاهرات وقال إن شبانا تلقوا مخدرات من القاعدة، ولذلك خرجوا إلى الشوارع· وأضاف أن القوات الليبية لديها أوامر بألا تطلق النار عليهم· وقالت رايس السفيرة الأمريكية لدى الأممالمتحدة ''إن القذافي منفصل عن الواقع'' وأنه ''يذبح شعبه'' وغير جدير بالقيادة· ومع دخول الانتفاضة أسبوعها الثالث يصعب في الغالب على الصحفيين تقييم الوضع على الأرض بسبب الصعوبات في التنقل في بعض مناطق الدولة الصحراوية وضعف الاتصالات· وقال ساكن في نالوت إن القوات الموالية للقذافي ''تحيط بالمنطقة القريبة من الحدود التونسية·· إنها جاءت برشاشات ثقيلة على سيارات رباعية الدفع وعشرات من المسلحين المجهزين بأسلحة خفيفة''· وقال شهود في مصراته - وهي مدينة يسكنها نصف مليون نسمة على بعد 200 كيلومتر شرقي طرابلس- وفي الزاوية - وهي بلدة استراتيجية يوجد بها مصفاة نفطية على بعد 50 كيلومترا إلى الغرب- أن قوات الحكومة تشن أو تستعد لشن هجمات· وقال شاهد في مصراته أول أمس ''أسقطت طائرة هذا الصباح أثناء قيامها بإطلاق النار على محطة الإذاعة المحلية·· المحتجون أسروا طاقمها''· وأضاف أن معركة جارية للسيطرة على القاعدة الجوية· ونفى مصدر حكومي ليبي التقرير· وفي طرابلس المعقل الأخيرة للقذافي قتل بضعة أشخاص وأصيب آخرون أول أمس عندما فتحت القوات الموالية له النار لتفريق محتجين في حي تاجوراء حسبما قالت صحيفة قورينا الليبية· وأضافت الصحيفة أن الاحتجاج شارك فيه عشرة آلاف شخص· وقال ساكن آخر في طرابلس إن هناك وجودا كثيفا لقوات الأمن· وأضاف قائلا ''نحن في انتظار الفرصة للاحتجاج··· نأمل بأن ينتهي هذا قريبا لكنني أعتقد أنه سيستغرق فترة أطول كثيرا مما كان متوقعا''· كما احتشد المواطنون أمام البنوك المملوكة للدولة التي بدأت في توزيع منحة قدرها نحو 400 دولار لكل أسرة في محاولة من جانب حكومة القذافي لحشد التأييد له· وصعدت الحكومات الأجنبية من ضغوطها على القذافي كي يتنحى على أمل إنهاء القتال الذي أودى بحياة ألف شخص على الأقل وإعادة النظام إلى دولة توفر نحو اثنين في المئة من إنتاج النفط العالمي· وقال البيت الأبيض إن الرئيس الأمريكي باراك أوباما ورئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر اتفقا على الحاجة إلى ردع حكومة القذافي عن مواصلة العنف ودراسة إجراءات إضافية ضدها وفقا لما تقتضيه الحاجة· وأضاف البيت الابيض في بيان أن أوباما أجرى اتصالا هاتفيا مع هاربر في إطار سلسلة اتصالات مع زعماء حلفاء أمريكا لتنسيق استراتيجية مشتركة بشأن ليبيا· وقال بيان لمكتب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إن فرنسا وبريطانيا دعتا إلى عقد قمة طارئة للاتحاد الأوروبي لمناقشة الأحداث في ليبيا· وكان دبلوماسيون في بروكسل قالوا في وقت سابق إن فرنسا تطالب الإتحاد الأوروبي بعقد قمة هذا الأسبوع· وكثفت القوى الأوروبية جهودها للمساعدة على الاطاحة بالقذافي ووافقت الحكومات الأوروبية على فرض عقوبات على القذافي في بروكسل· واقترح الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز مسعى دوليا للوساطة لإيجاد حل سلمي للانتفاضة الشعبية في ليبيا التي تسعى للإطاحة بصديقه وحليفه السياسي القذافي· وقال الزعيم الاشتراكي إنه ناقش الفكرة بالفعل مع بعض أعضاء تكتل ( البا) الذي يضم دولا يسارية في امريكا اللاتينية ومع دول اخرى في اوروبا وامريكا الجنوبية· وفي جنيف قال انطونيو جوتيريس رئيس المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة إن مواطنين كثيرين من العراق والسودان والصومال ودول فقيرة أخرى عالقون في ليبيا ويحتاجون للمساعدة لافتقارهم للموارد للنجاة بأنفسهم· وأضاف في بيان ''لا توجد طائرات وسفن لإجلاء أناس من مواطني دول تمزقها الحرب أو دول فقيرة جدا''· وذكرت المفوضية أن أكثر من 110 الاف شخص عبروا الحدود من ليبيا الى تونس ومصر حتى الان· وفي ضربة أخرى محتملة للقذافي، قال شكري غانم رئيس المؤسسة الوطنية للنفط الليبية، أمس الثلاثاء، إن إنتاج النفط الليبي انخفض بنحو النصف نتيجة رحيل العمال الأجانب· وأضاف غانم الذي تحدث إلى رويترز بالهاتف من مكتبه في العاصمة الليبية طرابلس أن المؤسسة مازالت تشرف على انتاج النفط وتصديره بالبلاد· ويتوقع خبراء اقليميون أن يسيطر معارضو القذافي على العاصمة في نهاية المطاف وأن يعتقلوا القذافي أو يقتلوه·