تعرف ولاية بجاية في الآونة الأخيرة تفشيا لظاهرة المخدرات داخل المؤسسات التربوية، وفي الثانويات على وجه الخصوص، حيث يستغل بارونات المخدرات ببجاية فئة التلاميذ لترويج سمومهم داخل المؤسسات التربوية وفي الأحياء الشعبية، ويستخدمونهم لنقلها وتحويلها من حي لآخر، ومن منطقة لأخرى، وتسليمها لأشخاص يشتغلون في شبكات تروّج المخدرات، وهذا قصد التمويه على مصالح الأمن، هذه الأخيرة التي نجحت في الآونة الأخيرة من تضييق الخناق على نشاطهم الإجرامي·· ينتهج بارونات المخدرات ببجاية خططا جهنمية لترويج المخدرات في الوسط المدرسي لضمان عملية النقل والتحويل من حي لآخر ومن منطقة إلى أخرى، وذلك بالاعتماد على بعض المتمدرسين في الثانويات والمتوسطات واستغلالهم لربح المال، ويتم ذلك بعد إقناع التلاميذ بأموال تصل إلى المليونين سنتيم للشهر الواحد أو بعد توريطهم في أمور خطيرة للسيطرة عليهم كالسرقة والجنس وجرائم أخرى ليتم تهديدهم بها فيما بعد، ولذلك يستجيب هؤلاء التلاميذ لهذه الشبكات اعتقادا منهم أنهم يخفون عنهم تلك الأخطاء·· علب حلويات مشبوهة على مداخل الثانويات والمتوسطات بدأ بارونات المخدرات ببجاية في التحوّل من استغلال الشباب البطال في الأحياء الشعبية إلى استغلال فئة المتمدرسين، وهذا بعدما فرضت مصالح الأمن خناقا شديدا على نشاطهم بوضع حد لعدد كبير من العناصر وإحباط أكبر عمليات نقل المخدرات وبيعها ببجاية· وقصد العودة إلى نشاطها انتهجت هذه البارونات مخططات ترويجية لمختلف أنواع الممنوعات بطرق سرية تسهل لها عملية نقل وتحويل وتسليم وبيع السلع، وذلك باستغلال التلاميذ· وقصد معرفة طريقة نشاط هذه الشبكات، رافقنا أحد أقدم عناصر ترويج المخدرات ببجاية، الذي تاب عن عمله بعدما تأكد أن تجارة هذه السموم ليس لها مخرج ولا فائدة، حسبه· بداية عملنا كان من إحدى الثانوية الواقعة وسط مدينة بجاية، حيث يكشف مرافقنا أن بارونات المخدرات جندت عدد لا بأس به من التلاميذ المزاولين للدراسة في هذه الثانوية نظرا لتواجدها في وسط المدينة وكونها تتمتع بخصوصية قربها من القطب الجامعي تارفة أوزامور، من جهة، وبُعدها عن مصالح الأمن من جهة أخرى، حيث أشار مرافقنا إلى أن بارونات المخدرات قاموا في البداية بوضع المخدرات في علب الحلويات التي يبيعها التلاميذ المتورطون على مدخل الثانوية وبعضهم طردوا من الدراسة، وتباع بنفس السعر الذي تباع به الحلويات، وتستهدف خصوصا التلاميذ الذكور، وعندما يكتشفون أن أحد الزبائن بدأ يتردد يوميا على طاولاتهم التجارية يقدمون له الحلويات والمخدرات مجانا، وكشف أن هؤلاء التجار يعتمدون أكثر على وضع المخدرات في علبة حلويات المعروفة ب ''تيك تاك''، التي تتشابه مع الأقراص المهلوسة، علما أنها عبارة عن علبة صغيرة تحتوي على أقراص حلويات تباع ب 25 دينارا للعلبة الواحدة، وأشار إلى أن هذه العصابة تعتمد على تغيير بعض أقراص الحلويات داخل العلبة وتبديلها بأقراص مهلوسة ومخدرات مصنوعة بنفس طريقة صنع الحلويات، ليتم بيعها إلى التلاميذ، وأحيانا تقدم مجانا للتلاميذ الذي يعتبرون زبائن دائمين لهم، وأضاف إن العصابة تروّج المخدرات على شكل أقراص من الحلوى لذيذة المذاق التي يقبل عليها الأطفال·· وأكد أن التلاميذ يتعودون عليها بشكل سريع كونها تتميز بتأثير سريع وقوي مما يزيد الطلب عليها· وبعدما نجحت العصابة في تجنيد مجموعة من التلاميذ للقيام بترويجها داخل الثانوية، وهي الطريقة التي قال لنا مرافقنا إنها طبقت على كل ثانويات مدينة بجاية· وقصد معرفة خبايا ترويج المخدرات بالوسط المدرسي ببجاية، اتصل مرافقنا بأحد التلاميذ المقبل على شهادة البكالوريا، تعرّف عليه عندما كان ينشط في المجال نفسه، وبعد ذلك ب 20 دقيقة وصل هذا التلميذ، كان يبدو بهيئة عادية، لكن علامات الخوف والتردد والقلق كانت بادية على ملامحه، كان ينظر إليّ بنظرات غريبة تُظهر خوفه الشديد، لكن مرافقنا نجح في أن يزرع في نفس التلميذ ثقة كبيرة، وقال له إننا عملنا معا في المجال نفسه قبل أن نتوب عن هذا العمل، وأخبره أننا نريد فقط أن نقنعه بأن يتخلى عن ترويج المخدرات، وبعدها أطلق العنان لحنجرته وكشف طريقة عمل العصابة التي تستغل التلاميذ إلى أن جاءته الدموع بسبب عدم قدرته على ترك هذا المجال· مليون سنتيم للمتاجرة بالمخدرات في الوسط المدرسي و2 مليون لنقلها إلى مناطق أخرى بدأ التلميذ حديثه عن كيفية تجنيده في هذه العصابة، قائلا إنه كان يقتني حلويات من بعض الشباب الذين اتخذوا من مداخل الثانويات مكانا لممارسة التجارة، وكلما يتناولها يحسّ أنه يرغب في زيادة كمية أخرى، وبعد مدة اكتشف أنه يتناول المخدرات بل أدمنها، وأصبح يقتني هذه السموم من التاجر نفسه الذي يبيع الحلويات، وبعدها أغراه بالأموال وجنّده في صفوف العصابة، حيث أكد أنهم يدفعون له مليون في الشهر مقابل ترويج المخدرات داخل الثانوية، ومليونين لنقل هذه السلع التي كشف أنها أحيانا تصل إلى 5 كيلوغرامات، إلى مختلف بلديات ودوائر بجاية وتسليمها لأشخاص يشتغلون في ترويج المخدرات، وأضاف إن هذه العصابة، في البداية، تقدم للتلاميذ أموال كثيرة وهدايا مختلفة مثل الهواتف النقالة ومجوهرات من فضة وذهب، لتشجيعهم على مواصلة العمل معهم، كما أكد أن تجارة المخدرات في الوسط المدرسي ببجاية تعرف استفحالا كبيرا، وأن عددا هائلا من التلاميذ حوّلوا المراحيض إلى أماكن خاصة لتدخين المخدرات، مضيفا إن استهلاك المخدرات في الوسط المدرسي ببجاية انتشر بشكل ملفت، ولم يعد التلاميذ يخجلون أو يخافون منها، بل أصبحوا يفتخرون بها فيما بينهم، وتأكدنا من هذه التصريحات من خلال هاتف هذا التلميذ النقال الذي لم يتوقف عن الرنين، حيث يطلب زبائنه ضالتهم، وكان يبدو أن هؤلاء يعرفون جيدا كيفية العمل بسرية، وسمعنا أن البعض منهم يقولون له، ''عندما تدخل إلى الثانوية احضر لنا الشكولاطة وبعض الحلويات''، وفي ظرف ساعتين فقط من جلوسه معنا استقبل أكثر من 30 اتصالا، يطالبونه بضرورة الدخول إلى الثانوية لشراء حاجات إليه، ما يؤكد الخطورة التي تواجهها ثانويات بجاية من هذه الظاهرة· أعوان المراقبة والأساتذة يتجنّبون الإبلاغ عن تلاميذ يتعاطون المخدرات كشف التلميذ ذاته أن هناك أعوان مراقبة كثيرا ما يضبطون تلاميذ في حالة تلبس بتعاطي المخدرات، لكنهم يتجنبون إبلاغ الإدارة عنهم ولا حتى استدعاء أولياءهم، لأن هؤلاء التلاميذ يهددون المراقبين بالقتل والاعتداء عليهم خارج الثانوية، كما لم يخف أن في الكثير من الأحيان هناك أساتذة يعثرون على مخدرات بحوزة التلاميذ داخل الأقسام، والبعض منهم يدخلون إلى مقاعد الدراسة وهم في حالة يرثى لها وفاقدين للوعي نتيجة قوة المخدر، لكنهم يتجنبون الإبلاغ عنهم أو إخراجهم من القسم تجنبا لتعرّضهم إلى مكروه خارج الثانوية، علما -حسبه- أن الكثير من أعوان المراقبة والأساتذة الذين سبق وأن أبلغوا عن بعض حالات تعاطي أو حيازة المخدرات تعرّضوا للاعتداء خارج المؤسسة التربوية من طرف منحرفين باستخدام أسلحة بيضاء، وقصد حماية أنفسهم وتجنب أي مكروه يحدث لهم في الخارج يلتزمون الصمت عما يحدث في الثانوية· عناصر العصابة يخدرون التلاميذ ويمارسون عليهم الجنس ويهددونهم بنشر صورهم في الأنترنت بعد حديثنا مع هذا التلميذ وتعرفنا على كيفية عمله مع الشبكة، سألناه عن ماذا كان يفكر في العدول عن هذه المهنة والتوقف من ممارستها وتسليم نفسه لمصالح الأمن قصد مساعدته وحمايته، لكنه أذرف الدموع، وقال إنه من المستحيل أن يبتعد عن هذه المهنة، وفسر ذلك بنجاح العصابة بتوريطه في قضايا عديدة معظمها جرائم سرقة واغتصاب، حيث أكد أن العصابة نظمت في أفريل 2010 حفل عيد ميلاد أحد أكبر عناصرها في شقة بحي ''لاعزيب'' وقامت بدعوة أكثر من 15 تلميذا يدرسون في مختلف ثانويات مدينة بجاية، ويعملون كلهم في المتاجرة وترويج المخدرات داخل الوسط المدرسي، وتم تخديرهم وتنويمهم وجردوهم من ملابسهم ومارسوا عليهم الجنس، وتم تصوير كل واحد منهم عاريا وفي أوضاع مخلة بالحياء، ليتم فيما بعد تصويرهم جماعة، ومنذ ذلك اليوم صرح الضحية أن العصابة أصبحت تهدد هؤلاء التلاميذ بنشر أشرطة الفيديو والصور على الأنترنت وموقع اليوتوب والفايس بوك، وأن معظم هؤلاء التلاميذ أصبحوا كعبيد لهذه العصابة يطبقون حرفيا أوامرهم وقراراتهم، خوفا من فضحهم في الأنترنت· عصابات المخدرات تورط تلاميذ في جرائم القتل والسرقة والاغتصاب إكتشفنا خلال تواجدنا في بجاية أن بارونات المخدرات، وقصد تفعيل نشاطهم الإجرامي، بعيدا عن أعين مصالح الأمن والمراقبة، تعمد على استقطاب عدد أكثر من التلاميذ والمراهقين، حيث عقد لنا مرافقنا لقاء مع أحد العناصر السابقين لهذه الشبكة والمختص في تجنيد التلاميذ، وعمره حاليا لا يتجاوز الثلاثين سنة، كشف لنا هذا الأخير أن هذه العصابات تمارس خططا جهنمية في توريط التلاميذ، فبعد إقناعهم بالأموال والهدايا، تقوم بتوريطهم في مختلف قضايا الإجرام كالسرقة والقتل والاغتصاب، مشيرا في هذا الصدد إلى أن عناصر هذه العصابة يستخدمون هؤلاء التلاميذ للإيقاع بفتيات الثانويات ويعقدون علاقات مشبوهة معهن، كما يورطونهم في جرائم القتل والاعتداءات، ليجدوا أنفسهم في عالم الرذيلة سريعا، مؤكدا أن العديد منهم غادروا مقاعد الدراسة للعمل في هذه الشبكة بشكل نهائي لأجل حماية أنفسهم من الفضيحة، لأن العصابة تهددهم بتقديم أسمائهم لمصالح الأمن ولعائلاتهم·