هناك أكثر من خطة على مكتب بوتفليقة لإجراء تغيرات جذرية في النظام، وقد كان منتظرا أن ترى إحدى هذه الخطط النور منذ أشهر إلا أن ما حدث في تونس ومصر بشكل خاص، يكون قد أرجأ الإعلان عنها والمباشرة في تطبيقها، إلا أن ملاحظين مطلعين على خفايا ما يحدث في أروقة النظام لا يستبعدون أن يحدث ذلك في الأيام القادمة، نظرا لتسارع الأحداث الأخيرة في ليبيا وما يمكن أن تخبئه وما يطرأ عنها من توجهات جذرية يصعب التحكم في أثار ما يترتب عنها، فهل تندرج خرجة زعيم الإخوان في الجزائر أبو جرة سلطاني ضمن هذا السياق الذي يغلب على ظاهره الغموض والتردد والصمت الصاخب عندما أظهر نيته في التخلص الإستباقي من التحالف الرئاسي وتوجيهه رصاصة سياسية حية إلى قلب حزب جبهة التحرير؟! لقد اعترف أبو جرة سلطاني أن التحالف الرئاسي الذي أُنشئ في سياق تاريخي محدد فقد مبرراته ومشروعيته بتغير اللحظة السياسية الفارقة، وشدد من حيث الرغبة على ضرورة الإنتقال إلى نظام سياسي جديد يتمثل في النقلة من الطراز الرئاسي البونابرتي في الحكم إلى نظام برلماني·· وذلك يعني العودة إلى تفعيل النسخة النائمة في مكاتب الدوائر الفاعلة للدستور والتي كانت معدة أيام قلائل قبل الرحيل المبكر للرئيس السابق اليامين زروال وكانت تقوم نظرتها على منح السلطات للقوة أو القوى السياسية المتحالفة الحائزة على أغلبية في البرلمان، بحيث يصبح لرئيس الحكومة السلطة الحقيقية، بينما يحافظ الرئيس المنتخب لمنصب رئاسة الجمهورية على سلطة رمزية وخارجية أشبه بالنموذج التركي·· إنه لا يمكن فهم الخرجة الأخيرة لسلطاني إلا إذا ربطناها بمثل هذا السيناريو أو الخطة، ويعني ذلك، أن الرجل يحاول من الآن أن يلعب دورا ممهدا لما يمكن أن يحدث من تغير مرتقب·· وفي ظل هذا السياق إذا ما تحقق أو ظهرت مؤشراته على الأرض سيتحقق الاستثناء الجزائري في تطبيق الإصلاحات بشكل مغاير تكون علاماته الأولية، حل البرلمان وإجراء إنتخابات تشريعية ومحلية مسبقة، إعطاء الإعتماد لعدد من الأحزاب السياسية على الأقل أربعة أحزاب وخروج إلى العلن حكومة تكنوقراطية موسعة ومفتوحة على الحساسيات السياسية والإيديولوجية والمناطقية تكون بمثابة المؤطر للتوجهات السياسية الجديدة···