نحن لسنا تونس·· هكذا قال كل نظام عربي، منذ أن بدأت حركة شباب الأرياف في تونس، مطمئناً على أمن نفسه، فإذا بحركة الشباب في بلده تدهمه ويبدأ باتخاذ إجراءات سخيفة معتبراً الشباب لا هم لهم سوى كروشهم، فهذا النظام يوسع النقود على الناس، وذاك يرفع الرواتب وثالث يغير الوجوه·· وهكذا في إجراءات تدل على خلل عقلي عند نظامنا العربي مشرقه ومغربه على حد سواء· حيث تبين للجميع أننا كلنا تونس، لا فرق بين ملك أو رئيس أو سلطان، كما لا فرق بين مغرب أو مشرق، وصرنا جميعاً كلنا في الهم تونس· وكأننا نصادق على مقولة أمير الشعر العربي أحمد شوقي كلنا في الهم شرق·· لكن لماذا قال كل نظام عن نفسه أنه ليس تونس، ولكن كيف وصلت تونس إلى قلب كل بلد عربي؟ لقد جعل كل نظام قطري من نفسه أمه لوحدها منفصلة وأقام حدوداً أين منها جدران الباستيل، فلا يدخل جاره العربي على بلده حتى يتم ''تنخيله'' ومعرفة تاريخه تاريخ عائلته منذ آدم·· وقد رفع كل نظام شعاره القطري القبيح·· أنا أولاً ونشر ثقافة معاوية للعرب والعروبة، فبورقيبة تونس كان يقول انظروا إلى عيني تعرفون بأني لست عربيا· وكانت عيناه زرقاوان· ورفع سادات مصر شعار لا فلسطين بعد اليوم، وأتبعه بمقولة العرب همج· أما سلطان عمان فقد انعزل حتى عن ربعه الخليجي· وأما عندنا في الجزائر فقد أعلن سعيد سعدي أنه ضد العروبة والإسلام جهاراً نهاراً، فإذا به يستغل حركة شباب تونس وحركة شباب مصر ويحاول توريط شباب الجزائر ويطلب منهم التحرك على غرارهم· إذن فإن رياح تونس هبت على الجميع، لم تعترف بالحدود وردد شباب العرب حتى في رام الله التي تحت الاحتلال شعار الشعب يريد···؟ وأسقط هذا الهتاف الذي غم كل الساحات العربية الثقافة القطرية التي صرف عليها هذا النظام العربي المنهار ملايير الدولارات نهبها من أقوال الأمة· ماذا يعني ذلك· إنه يعني بطل عمق البساطة أن الوحدة العربية التي أسقطها هذا النظام من حساباته تعيش في وجدان الشباب العربي عميقة وأن كل ما صرفه النظام من أموال وما قام به من جهنمي الأفعال لم تغير في شباب هذه الأمة التي أثبتت أنها جسد واحد· بل وأكثر من ذلك فهذا الشباب لم يسخر فقط من أموال النظام ومن أجهزته فحسب، بل سخر ويسخر من أسياده الذين سلطوه على رقابنا وكشف نفاق دول المتروبول وما يسمى بالمجتمع الدولي· فلا أعتقد أن قوى الأنجلوساكسون في المشرق يمكنها الاعتماد على أمريكا وأوروبا بعد اليوم، وفي المغرب لا أعتقد أن قوى الفرانكفون تستطيع الاتكاء على فرنسا·· ولم يعد باستطاعة دول المتروبول التحدث عن عرب وبربر، ولا سنة ولا شيعة، ولا مسلمين ولا مسيحيين، فقد أثبت الشباب من شنقيط حتى حضرموت أنه وحدة واحدة وأن كل كلام غير ذلك·· إنما هو هراء فهذه المشاعر الواحدة من أصغر دشرة في قمم الأطلس إلى أصغر قرية في جبال روفان، إنما نؤكد سقوط رؤساء المخافر العربية وأسيادهم الإمبرياليين· وفي هذا السياق أعتقد أنه على الشباب الجزائري بشكل خاص أن يعلم أن الذي حرك شعب اليمن للثورة ضد التخلف والرجعية وأدعياء الدين وأتباع الاستعمار ومن أجل العروبة والوحدة والتقدم هو ابن بجاية الشيخ الفضيل الورتلاني وكان ذلك في ثورة اليمن ولا زال الشعب اليمني وفياً لمبادئ الورتلاني رغم المحاولات المتعاقبة لسرقة ثورته، وها هي العروبة بما تعنيه من حضارة وفكر وتفتح تتجدد من دشرة تونسية معزولة لتجد صداها في قرية يمنية نائية· فكلنا كما شوقي في الهم شرق·