أنهيت حياكة الثوب أخيرا جمعت ما تبقى لدي من الصوف الرقيق وخبأته في مكان لا يصل إليه أحد ثم جلست إلى مرآتي كحلت عيني بالأسود أطلقت الأحمر الشهي على شفاهي حللت شعري الطويل الفاتن ارتديت أكثر ملابسي إغواء ثم حملت الثوب بين يدي العاريتين وانتظرت على ناصية الشارع كقطة اعتادت التربص بفريسة عابرة أنا بينلوب صرخت في وجه الحارس المشدوه الحارس الذي كان يحرس عفتي أنا بينلوب سئمت انتظاري الفارغ سئمت لعبة الحياكة المضجرة لم أعد أطيق التظاهر كانت رغبتي تنهشني وأنا أتمنع حين يراودني الرجال عن جسدي أنا بينلوب سبعة عشر عاما وأنا أقضم الوقت ساعة وراء ساعة كما يقضم الخلد جذع شجرة ماسكة سبعة عشر عاما أتقلب في فراشي الليلي كعنكبوت تحاول التخلص من شرك حبالها سبعة عشر عاما وخفافيش الوحشة تفقأ عيني كل ليلة وكل ليلة تسحب الماء من جسدي بمناقيرها الحادة أنا بينلوب كنت قبلا أخاف عقاب الآلهة لهذا لم أحد يوما عن طرف ثوبي لم يبعدني خيالي عن سرير زوجي كانت إيثاكا هي الطريق بين أهلي وما أنا عليه الآن لم أر منها ما لا يجب أن أراه لم أعرف عنها غير ما تخبرني خادماتي وغير ذلك اللمعان على وجه زوجي حين يعود من صحبة آخر الليل مفعما بمجد إيثاكا ليطلب نوم فراشي الهادئ لهذا لم أعترض حين دل عليه مجد الرجال لم أنبس بحرف وهو يقبلني مسرعا كي يلحق بأساطيل النبالة لم يعرف الشك مسربه إلى نفسي حين عجز عن مضاجعتي آخر ليلة لنا معا كان مهووسا بمجده الشخصي وكنت صغيرة أول ما عشقت بأوديسيوس مجده الشخصي صورة نصف الإله الذي كنت أراه فيه فكرتي عن الرجل التي لم أعرف غيرها فكرتي عن الجسد المنذور لرجل واحد عن الإخلاص عن شرف المرأة المعلق على صدرها وأذنيها ومعصميها لكنني ليلة وراء ليلة وأنا أتعرى وحيدة أمام مرآتي كنت أرى كيف يذبل نفور ثديي كيف يتهالك جسدي الفتي ليلة وراء ليلة كيف يبهت لوني القمحي تحت ملمس أصابعي كيف تختفي أذناي تحت طبقات الشمع كي لا أسمع همهمات رغبة الرجال بي حينها بحثت عن خيوط الصوف والحرير وأحضرت مغزلي الشخصي وبدأت الحياكة كي أنسى ما أنا فيه كي أنسى الشك الذي بدأ ينهش أصابع أقدامي: هل المجد هو ما أبعد أوديسيوس عني؟ هل الصداقة والنبالة؟ لهو الآلهة وعبثها؟ ما خصني أنا بلهو الآلهة؟ هيلين اختارت باريس و تركت زوجها وأنا أشيخ بلا رجل لأن هيلين عشقت غير زوجها! لماذا علي أن أخمد رغبات جسدي؟ هيلين مشت على طريق شهوتها غير عابئة! أوديسيوس سيقذف منتشيا كلما انتصر في مغامرة ما! طروادة سقطت أم لم تسقط ستبقى طروادة! الآلهة مشغولون جميعا بالرهان حول المنتصر! وأنا أرجم بحجارة الانتظار والشرف الايثاكي ليلة وراء ليلة وأشيخ ثم أموت وما من هطل يبللني ما من نار تلهبني ما من رجل أرتعش بين يديه كما الفراشة كنت أفكر وأنا أنسج ثم أحل ما أنسجه أنا بينلوب صرخت في وجه خادماتي وأنا أرى شفقتهن علي أنا سيدة هذا القصر خادماتي يأسفن علي وهن يهرعن إلى أسرّة رجالهن أول الليل لا وهم العفة يشغلهن ولا وهم الخلود يعطب رجالهن أنا بينلوب منذ أن بدأت أنسج الشك حولي وأنا أراقب عشاقي الكثر رجال إيثاكا نسخ متكررة عن أدويسيوس عشاق المجد والخلود المهووسون بالكمال لا أريد أحدا منهم أنا بينلوب الأرضية بكاملي لا أنتمي إلى صنف الآلهة لا تجري دماء السماء في عروقي لم أعرف طريق الالومبوس يوما ابنة التراب أنا لا يعنيني بقائي إن بقي جسدي باردا لا يعنيني الخلود أنا بينلوب جسدي يضج بالشهوة والرجل الذي أريده ليس من إيثاكا لهذا قررت أن أنهي حياكة الثوب وأرتدي أكثر ملابسي إغواء ثم انتظر على ناصية الشارع والثوب بين يدي سيمر عابر ذات يوم لا ينتمي إلى إيثاكا ولا فكرة تربطه بنص هوميروس عابر أرضي يشبهني سأضاجعه في ساحة إيثاكا على مرمى نظر الجميع كأي قطة ماجنة بينما الثوب الذي حكته ليلة وراء ليلة لن يبق منه غير الحكاية ستلقي به الرياح بعيدا بعيدا جدا خارج أسوار إيثاكا·