الحلقة 1: رحلة إلى الماضي وقفت أمام سياج منزل أبيض كبير، يشبه إلى حد كبير القصر التركي "عزيزة" بساحة الشهداء، ورود ميموزا الصفراء الفاتنة تستلهم أي عاشق للطبيعة، أو فنان، مسكت بيدها إحدى أعمدة السياج، تتأمله من بعيد، تستذكر أيام الطفولة التي طالما ارتطم جسدها الصغير على عشبه. ميموزا، هذا البنيان الضخم الذي خدش أحلامها ليال طويلة، وأسرها في عالم الخيال مليئ بصور مزعجة ودامية.. إلا أنها عشقته وحلمت أن تعود إليه بأي وسيلة، أرادت أن تعود إلى عالم طفولتها الممتعة التي لم تذكر منها سوى خيالات تهزها بصراخ أو ببكاء، وتثير حيرتها وفضولها.... لم تلحظ الحارس الذي فاجأها من الخلف... وتقدم إليها ببطء حتى لا تشعر به.. - آنستي، ماذا تفعلين؟ بردّة فعل عنيفة أدارت وجهها المصفر إليه. - عفوا أنا.. أنا الأستاذة سمية... - آه ..تفضلي وأخيرا أتيت، السيد حميد كان بانتظارك منذ الصباح، لكنه خرج الآن. - تفضلي وادخلي ... - وأخيرا دخلت إلى منزلي.. آه كم اشتقت إليه.. رائحة ورود ميموزا زعزعت كيانها، وأفقدتها توازنها.. مشت وراء الحارس، إلى غاية الباب الرئيس لميموزا، هكذا كانت جدتها تريد تسمية هذا القصر الفخم.. - تفضلي ادخلي.. سيقابلك بمجرد أن تدخلي.. باب من اليمين.. ادخلي وانتظري إنها... - قاعة الانتظار.. ردت عليه سمية بعفوية! - هل جئت إلى هذا المنزل من قبل؟ - لا، لكنني أدرك أنني سأنتظر في قاعة الانتظار سيدي. - أنا لست سيدك، أنا حارس المنزل واسمي دحمان، الكل يناديني عمي دحمان، إن أردت. - شكرا عمي دحمان. فتحت الباب، ببطء، وأحست أن قلبها سيسقط لا محالة من شدة الدقات المتتالية القوية.. بنظرات شوق نزل بريق دمعة من خدها الأيسر، استبقتها لمسة يد مسحت عينها بمنديل. - سمية ماذا تفعلين؟ هل أنت مجنونة بنيتي؟ كيف جئت إلى هذا المكان بعد أن.... - آه ..خالتي خديجة، "اوس" لا تتكلمي، هل يوجد شخص آخر في هذا المنزل؟ - لا ..لا يوجد أحد، الخادمة في السطح تنشر الملابس. - آه خالتي، لا أود أن يشك في أحد، سوف نتكلم فيما بعد، أنا الآن المدرسة التي سوف تعطي دروسا لابن السيد. - ما هذا الهبل؟!.. - آه خالتي، سوف نتكلم فيما بعد... لا تثيري الانتباه.