المتأمل هذه الأيام في الساحة الكروية الجزائرية لا يمكنه أبدا تفادي الحديث عما يدور من كلام وتعليقات وتوقعات وتحليلات واستنتاجات حول اللقاء المرتقب لمنتخبنا الوطني مساء يوم غد أمام نظيره المغربي· وحتى وإن كانت الأجواء التي تسود حاليا لا يمكن مقارنتها بالأجواء التي رافقت ''الخضر'' عام 2009 بمناسبة تصفيات كأسي إفريقيا والعالم ونشوة التأهل التي أنست العباد في حقيقة مستوى كرتنا المحلية، فإن الصخب الإعلامي والجماهيري، وحتى الرسمي الكروي، جعل من مواجهة ''أسود الأطلس'' كمحطة هامة ليس فقط على مستوى النتيجة الفنية، ولكن الأمر كذلك يتعلق بالعودة المرجوة لأجواء الانتصارات التي ميزت مسيرة منتخبنا خلال ملحمة أم درمان· وإذا اعتمدنا على التجارب السابقة التي عشناها مع الجمهور الكروي، فإن خرجات المنتخب الوطني كانت وما تزال تعد بمثابة ''ترموميتر'' لصحة كرتنا من عدمها وإذ أن تحقيق انتصار تاريخي مثل الذي سجلته الكرة الجزائرية أمام مصر في البليدة وأم درمان والعودة إلى أحضان كأسي العالم وإفريقيا كان كفيلا في نظر القائمين على شوون البيت الكروي عندنا بأن ينهي متاعبنا على مستوى النتائج الفنية· ونتذكر جيدا كيف نسي الكل التقهقر الذي تعرفه كرتنا وبالتحديد بطولتنا الوطنية في السنوات الأخيرة وتواصلت هذه السنة مع مجيء الاحتراف المفترض، الذي لم يغير أي شيء في المشهد الكروي، حيث تواصلت الرداءة وفقد بريقه، إلى حد باتت فيه المنافسة الكروية المحلية في جميع المستويات والأصناف خارج اهتمام الجمهور· اليوم وقبيل ساعات معدودة من عودة المنتخب الوطني إلى المنافسات الرسمية، يبقى الجميع يرتقب خرجته ونتائجه، لأنه ببساطة هي التي توجه المواقف والآراء حول الواقع الكروي الجزائري، ولنا في هذا المجال التنبؤ بردود الفعل المحتملة التي تفرزها المواجهة الجزائرية المغربية ويمكن تحديدها في الفرضيات التالية· 1 إذا كتب لمنتخبنا وأحرز انتصارا عريضا آداء ونتيجة، فإن التعاليق التي تعقب تألق ''الخضر'' ستركز على الصحوة التي عرفتها كرتنا والعودة القوية إلى مسرح الأحداث الكروية القارية والعالمية بعد فترة فراغ مرت بها عقب نهاية كأس العالم الأخيرة، وبالتأكيد فإن الحديث عن الوضع الكروي وبطولة القسم الأول وما تعرفه من اهتزاز وتدن في المستوى سيؤجل إلى وقت لاحق، قد يطول إذا نجح ''الخضر'' في مواصلة الرحلة بثبات ومن دون أخطاء· 2 إذا عجز المنتخب الوطني عن تسجيل قفزة نوعية وفشل في إنهاء فترة التراجع التي عرفها في الأشهر الأخيرة التي تلت المونديال، فإن تدخلات الإعلام والرسميين الكرويين، ستتغير وستركز أساسا على خلفيات ضياع أحلام الكرة الجزائرية في إعادة سيناريو أنغولا وجنوب إفريقيا، وعندها فقط لا يتوانى الكل في العودة إلى الحديث بنبرة قوية وروح نقدية عن أحوال كرتنا وما تعانيه من فقر في المواهب والعمل القاعدي والنتائج الجيدة على مستوى أنديتنا محليا وقاريا، وقد يعيد البعض خرجات أنديتنا الأخيرة في الكؤوس الإفريقية وأبرزها الهزيمة المذلة للعميد· 3 إذا نجح أحد اللاعبين المحليين على قلتهم في المساهمة بشكل مباشر وكبير في حصول منتخبنا على نتيجة مرضية ومشرفة، فلا شك أن تقييم أداء لاعبينا المحليين سيكون بالإيجاب، حيث سيطنب الإعلام، الجمهور والفاعلون في الساحة الكروية في الإشادة بمستوى اللاعب المحلي ويعيد والحديث عن التهميش الذي تعرض له يوم كان المدرب الوطني رابح سعدان على رأس العارضة الفنية للمنتخب الوطني، أما إذا فشل أي لاعب محلي في فرض نفسه ولم يظهر إمكانات كبيرة فإن قيمته في تعليقات المحيط الكروي عندنا ستتغير خاصة إذا سجل منتخبنا نتيجة غير مرضية· 4 ودائما في سياق عملية تقييم مساهمة كل لاعب في انتصار المنتخب يمكننا إدراج قضية الحكم على لاعبينا المحترفين الذين يشكلون اليوم النواة الحقيقية لمنتخبنا ففي حالة تألقهم وجلبهم لانتصار ينتظره الجميع، فإن مكانتهم في المخيال الكروي الجزائري الرسمي والجماهيري ستزداد، أما في حالة إخفاقهم في قيادة سفينة المنتخب الوطني إلى بر الأمان فإنهم سيكونون بالتأكيد عرضة لانتقادات وسخط قوي كبيرين، ويتناسى الجميع أن هؤلاء اللاعبين هم الذين أعادوا البسمة إلى شفاه هواة الكرة في بلادنا وبفضلهم عدنا إلى المسرح القاري والدولي· 5 بقي شخص واحد لم نتحدث عنه وهو المدرب عبد الحق بن شيخة الذي تحمل عبئا ثقيلا عن خليفته سعدان، وهو بالتالي يريد أن يثبت بأنه أحق بتدريب ''الخضر''، غير أن ما يهم هنا هو ردود الفعل التي ستصدر في حقه تبعا للنتيجة التي سيسجلها أشباله، وبالتالي فقد يكون عرضة للقدم كما المدح؟·