تؤكد راضية نصراوي، الحقوقية التونسية ورئيسة ''الجمعية التونسية لمقاومة التعذيب'' في تونس، أن الوضع في بلدها سيء، وأن رجال بن علي مازالوا في السلطة، وهو الوضع الذي دفع ببعض المناضلين هناك إلى تنظيم الاعتصام الثالث الذي يكون قد بدأ أمس الجمعة· تونس الآن قطعت شوطا كبيرا في الذهاب نحو ديمقراطية حقيقية، فما الداعي إلى تنظيم ''اعتصام ثالث''؟ ما دعا إلى تنظيم اعتصام ثالث هو أن الحكومة الحالية قائمة على أشياء غير مقبولة، كأن يصدر رئيس الحكومة قرارات ثم يدعوا الجميع إلى تبنيها والمصادقة عليها دون حتى استشارتهم قبل ذلك، وقد أنشأ مثلا الهيئة العليا لحماية الثورة ووقّع هو على القرار، لكن الأشخاص الذين اختارهم ضمن هذه الهيئة، بعضهم كان مع نظام بن علي، وبعضهم كان ضد الثورة، إضافة إلى بعض الأشخاص الذين لم يقدموا أي شيء للثورة، وهم يجلسون حاليا مع مناضلين حقيقيين ضمن نفس الهيئة التي لم تقدم أي شيء لحد الآن من أجل حماية أهداف الثورة التي تأسست من أجلها· ويبدو أن دور هذه الهيئة هو استشاري فقط ووجودها أصبح صوريا· طالما أن الهيئة هذه لا تقوم بأي دور، فما الذي يزعجكم منها؟ نريد أن يكون لهذه الهيئة دور حقيقي في حماية أهداف الثورة، ونريد أن تضم فقط الذين ساهموا فيها ولم يعملوا على عرقلتها· ونحن نرى الآن أحزابا مثل حزب العمال الشيوعي غير ممثل فيها، لأنه رفض أن تكون بهذا الشكل· وكيف هو الوضع ميدانيا، بعيدا عن الحكومة وهذه الهيئة؟ الوضع في تونس الآن سيء بالفعل، وفي إطار منظمة مناهضة التعذيب والقمع التي أرأسها، نحن على اطلاع ويوميا بالصور والوثائق على القمع الذي بقي متواصلا بعد رحيل بن علي· ويوميا يأتينا مواطنون بالصور والشهادات الطبية التي تثبت بأنهم تعرضوا للتعذيب الوحشي، وتأتيني بشكل يومي العديد من عائلات مساجين الحق العام الذين يشتكون من انتهاكات خطيرة· وفي الأيام الأخيرة وفي منطقة القصرين اطلعنا على حالة تعذيب أصبح من خلالها شخص يعاني من مشاكل في جهازه التناسلي· لقد تكررت حالات التعذيب، إضافة إلى ظروف الاعتقال السيئة جدا، فمازال أفراد البوليس بلباسهم الرسمي أو المدني وهم يداهمون المنازل وبشكل وحشي مما يتسبب في ترويع النساء، وقد روت لي امرأتان (الأم والجدة) كيف اقتحم البوليس بيتهم، فأغمي عليهما من شدة الخوف والترهيب· هؤلاء الضحايا وغيرهم يأتون بشكل مستمر إلى مقر منظمة مناهضة التعذيب، ويقدمون شهادات فظيعة عما يحدث من انتهاكات حدثت في الأيام الأخيرة رغم أن الخطاب الرسمي يحاول الترويج لفكرة أن كل شيء تغير بعد رحيل بن علي· قد يقول قائل، أن الأمر سيؤول نحو الأحسن مع الأيام، والأهم تحقق مع التأكيد على الذهاب نحو انتخاب مجلس تأسيسي يصوغ دستورا جديدا؟ نعتبر التوجه نحو انتخاب مجلس تأسيسي انتصارا للديمقراطية، لكن الممارسات الفظيعة المتواصلة، رغم الإعلان الرسمي عن حل جهاز البوليس السياسي، لكن في الواقع لم يتغير شيء، ومؤخرا كنت مع صحفيين أجانب في شارع بورقيبة وكان هناك أفراد من البوليس السري يحاولون مضايقتهم وأعرف أفراد هذا الجهاز من ضخامة أجسادهم، ويبدو أننا اتجهنا نحو الأسوأ وكانت هناك حرية للإعلاميين بعد رحيل بن علي· وبدا أن الوزير الأول الحالي ومن خلال برنامج تلفزيوني مؤخرا لم يجب عن أي سؤال حقيقي وبدا أنه ليس مستعدا للذهاب نحو إصلاحات· والأسوأ أن جماعة بن علي يبدو أنها مازالت تحكم بدليل أن وزير الداخلية الجديد هو من رجال بن علي· لقد كان الناس فرحين لكنهم الآن أصبحوا أكثر قلقا على مصير الثورة وأنا هذه الأيام أسمع مقولة يرددها الناس مفادها ''الدماء تسيل في سيدي بوزيد النوار ينبت في المرسى'' المرسى هي المنطقة الراقية التي يسكنها المسؤولون الكبار الذين قطفوا ثمار الثورة دون أن يساهموا فيها·