يدخل اعتصام أعوان الحرس البلدي بساحة الشهداء يومه الخامس، وسط اصرار تام على مواصلة التجمهر إلى غاية تحقيق مطالبهم التي رفعوها منذ اليوم الأول· ولم تتغير الأجواء التي تسود حاليا وسط المعتصمين حيث أبدوا تمسكهم بالحقوق التي طالبوا بها، مؤكدين بأن تصريحات وزير الداخلية والجماعات المحلية دحو ولد قابلية حول أرضية التفاهم التي تمت مع عناصر الحرس البلدي وتلبية مطالبهم، هي اليوم لا تعنيهم، ولم يقتنعوا بها وهو الأمر الذي جعلهم يواصلون الاعتصام إلى غاية تجسيد كل مطالبهم بما يضمن لهم حقوقهم المهضومة· وإذا كانت تصريحات السيد حكيم ممثل الحرس البلدي التي أعلن عنها يوم أمس لا يشوبها أي غموض وجاءت صريحة ودقيقة واختزلها في كلمة واحدة هي أن أفراد الحرس البلدي سيظلون صامدين بساحة الشهداء إلى غاية تلبية كل مطالبهم المشروعة، فإنه أكد من جهة أخرى على أن الكل ينتظر اليوم تدخل رئيس الجمهورية لفك الإشكال المطروح، بعد أن فقدوا الثقة في الجهات الأخرى التي تدخلت واقترحت الحلول لمشاكلهم وما أكثرها· ومن أجل وضع حد لبعض التأويلات التي أعقبت تصريحات وزير الداخلية دحو ولد قابلية حول قبول معظم أفراد الحرس البلدي بالحلول التي أقرتها الوزارة وأن ما بقي من المعتصمين يمثل الأقلية، فقد أكد لنا ممثل أفراد الحرس البلدي وبعض ممثلي الولايات أن الاضراب الذي دخلوا فيه، ما يزال ساريا وأن نسبة 99 % هم الآن معتصمون سواء أولئك الذين يتواجدون الآن بساحة الشهداء أو الذين تعذر عليهم الأمر ومكثوا على مستوى ولاياتهم، وأقاموا تجمعات واعتصامات أمام المقرات الولائية ورفعوا نفس المطالب· وفي تعليق مختصر ومحدد عاد بعض ممثلي الحرس البلدي المتواجدين الآن بساحة الشهداء وعلى رأسهم حكيم، فقد اعتبروا الحلول المقترحة من طرف وزير الداخلية لم تحل مشاكلهم وكل ما قيل حول هذا الموضوع لا يعدو كونه افتراء ليس إلا كما جاء على لسان السيد حكيم: ''في الواقع وحتى نضع الكل في الصورة بودي الإشارة إلى نقطة قانونية لا يمكننا تغافلها أو تجاوزها أو تجاهلها وهي أننا لم نمض على أي وثيقة تتضمن الحلول التي أقرتها وزارة الداخلية ولسنا ندري كيف تم إخطار الولاة على مستوى كل الولايات بأن أرضية تفاهم قد تمت بين الوزارة الوصية وممثلي الحرس البلدي''· ولتأكيد عزم الحرس البلدي على مواصلة الاعتصام فقد علمنا أن هناك العديد من الأفراد الذين لم يلتحقوا بعد بساحة الشهداء عبر كامل الولايات بأن وصولهم سيكون في الأيام القليلة القادمة والأمر تحديدا يخص 38 ولاية· الاعتداء الليلي وحالات الإغماء إذا كان المعتصمون بساحة الشهداء قد قرروا المكوث لوقت طويل ودون ملل إلى غاية تحقيق مطالبهم الاجتماعية والمهنية المشروعة حسبهم، فإن ذلك لم يمر دون تعرضهم لمعاناة يومية جراء الظروف التي يعيشونها بدءا بمواجهتهم الحرارة الشديدة التي تميز العاصمة حاليا ومرورا بالنقص الفادح في حاجياتهم الغذائية وانتهاء بالاعتداء الذي تعرضوا إليه ليلة الثلاثاء إلى الاربعاء، حيث فوجىء المعتصمون بوابل من الحجارة ومختلف الأشياء الأخرى تتساقط عليهم وسط الساحة، الأمر الذي أحدث هلعا كبيرا وسط أفراد الحرس البلدي وأخرجهم من السكينة التي تخيم عليهم ليلا، ولم يمر هذا الحادث دون أن يخلف إصابات في صفوف الحرس البلدي تمثلت أساسا في حالات الأغماء وبعض الجروح التي أصابت البعض على مستوى الرأس والتي تطلبت نقلهم على جناح السرعة إلى المستشفى· ولئن كان أفراد الحرس البلدي لم يعرفوا لحد أمس مصدر الحجارة التي تهاطلت عليهم، إلا أن ذلك لم يمنعهم من إبداء استيائهم وغضبهم وتأسفهم مما حدث، خاصة وأنهم أكدوا منذ اليوم الأول للاعتصمام بأن حركتهم سلمية وستبقى كذلك· ومن جانب آخر وعن الاحتياطات التي اتخذها المعتصمون للحيلولة دون تسرب أفراد من خارج أفراد الحرس البلدي، فقد حوطوا الساحة التي تمركزوا فيها بسياج لا يسمح لأي غريب عن السلك بالدخول حتى يحافظوا على الطابع السلمي للاعتصام على حسب أقوالهم· لهذه الأسباب رفضوا حلول الوزارة لم يكن رفض سلك الحرس البلدي للحلول التي أعلنت عنها الوزارة اعتباطيا بقدر ما كان نتاج عدم اقتناعهم ببعض ما جاء فيه، مثل مسألة التقاعد المفروضة بشروط· الأجور، الساعات الاضافية، منحة الخطر التي بدأ في تطبيقها منذ 2008 فقط ولم تتضمن كل سنوات العمل وأخيرا الأشخاص المشطوبون تعسفا، وهي النقاط التي تضمنتها أرضية المطالب التي تقدم بها أفراد الحرس البلدي وعددها 14 مطلبا، وافقت الوزارة على 11 وطرحت الحلول، غير أن ذلك لم يقنع المعنيين· وفي ردهم على الصور والأخبار التي تناقلتها وسائل الإعلام وصرح وبها المسؤولون حول قبول السواد الأعظم من المعتصمين بحلول الوزارة، فقد رد العديد من المتواجدين حاليا بساحة الشهداء، أن ذلك غير صحيح، وأن ثلة من أفراد الحرس البلدي الذي ظهروا في التلفزيون وأعلنوا عن موافقتهم على حلول الوزارة لا يمثلون حوالي 95 ألف حرس بلدي على المستوى الوطني وإن تكلموا باسمهم تكون بعض الولايات قد أشترت ذممهم ليس إلا· ولئن كانت التصريحات التي أفصح عنها العديد من المعتصمين اليوم بساحة الشهداء والذين يقدر عددهم بحوالي ثلاثة آلاف قد صدرت من أشخاص يبيتون لليوم الخامس في الهواء الطلق بهدف إسماع صوتهم ومعاناتهم وتحقيق مطالبهم فإن ثمة سؤال يبقى مطروحا وهو إلى متى سيصمد هؤلاء في صمودهم المتواصل والمفتوح؟ هكذا تعرض المعتصمون للاعتداء·· خلال تواجدنا أمس بساحة الشهداء التقينا ببعض أفراد الحرس البلدي الذين أصيبوا بجروح على مستوى الرأس بعد الاعتداء بالحجارة الذي تعرضوا إليه ليلا· وقد أكد لنا أحدهم بأنه كان جالسا مع صديقه وإذا بحجارة تسقط على رأسه مما أدخل على نفسه الخوف والريب: ''بينما كنت مستلقيا على الأرض لأخذ قسط من الراحة بجانب زميلي فوجئت بوابل من الحجارة تتساقط على ساحة الاعتصام، وقد أصابتني واحدة على مستوى الرأس الأمر الذي استدعى نقلي إلى المستشفى، حيث تلقيت العلاج وعدت إلى الاعتصام مع زملائي''· ولم تختلف حكاية أو جروح بقية المصابين حيث أصابتهم تقريبا كلهم على مستوى الرأس، وعلى غفلة من أمرهم، مما أربك العديد منهم وأغمي على البعض الآخر، خاصة كما قال أحدهم أن الكل كان منهكا ومتعبا ولم نكن بحاجة إلى مثل هذه الاعتداءات، لأن اعتصامنا بطريقة سلمية وسنظل كذلك·