في اعتقادي أن رجال التربية في الجزائر، سواء التربية الرسمية أو التربية الموازية، عليهم أن يدرسوا عبر ورشات مشتركة جادة جداً للإجابة على سؤال قديم جديد· لماذا العنف في المجتمع الجزائري؟ وصفة الجدية هنا تعني دراسة أشياء ومنهجيات كثيرة ومواجهة الحقائق كما هي لمعرفة من هو صانع العنف في المجتمع، فهل هو الأداء الاقتصادي للدولة؟ هل هو الخطاب السياسي؟ هل هو الخطاب الإعلامي؟ أم هو الخطاب الديني؟·· هل هي التربية المنزلية، أم المدرسية؟ أم هي الألعاب التي نقدمها لأطفالنا؟·· خاصة ونحن نضع بين أيديهم ملايين ''لمحيرقات'' وملايين اللعب المصنوعة على شكل بنادق ودبابات ومختلف أنواع الأسلحة، وما هي البرامج التلفزيونية التي يشاهدونها؟ وهل هي الأندية الرياضية التي لم تستطع نشر الروح الرياضية بين الشباب ونشرت العنف في الملاعب ولم تفرق بين المنافسة والخصومة؟·· ولعل المحيط الدولي والحروب تندلع في وقت واحد سواء في إفريقيا أو في الوطن العربي أو في آسيا وغيرها من قارات العالم·· وهذه الحروب تشكل الوجبات اليومية لنشرات الأخبار وصفحات الصحف· وغير ذلك من تساؤلات تقود إلى معرفة من هو صانع العنف في مجتمعنا، ولما يصنعه وما هي استراتيجيته نحو مجتمعنا· وما هي الاستراتيجية التي علينا اعتمادها لتفادي أخطار العنف على مجتمعنا الوطني؟· أعتقد أن هذه المواجهة الجدية لموضوع العنف لا تنفع فيها تلك الخطب والنصوص الإنشائية التي اعتدنا عليها في مساجدنا ومدارسنا ووسائلنا الإعلامية·· ولا تلك الدراسات الأكاديمية التي يغلب عليها الأسلوب ''التجميعي'' من جهة، والنظريات التربوية الأوروبية والغربية النابعة من مجتمعات غير مجتمعاتنا ولا تصلح لها لذلك لا بد لهذه الورشات أن تعتمد على الجهد الميداني الواقعي الذي يقوم به أناس لهم من الوعي والتأطير العالي والهدف الواضح، وتشارك في هذه الدراسات جميع المؤسسات المعنية بالتربية من الوزارات حتى جمعيات المجتمع المدني التي يكاد يتحول معظمها إلى أوكار لأشياء بعيدة كل البعد عن أهدافها المعلنة التي قامت من أجلها· نعم لقد ارتكبنا خلال العقود الماضية سواء في الجزائر أو في خارجها الكثير من الأخطاء في حق أجيال الأمة حين اعتمدنا نظريات تربوية لا تصلح لمجتمعاتنا وطموحاتها وأحلامها بشكل خاص ولا تعبر عن حاضرها ولا تستند إلى تراثها وثقافتها· ثم تركناها لأجهزة لا تفرق بين التلقين والتعليم، ولا بينهما وبين التربية، ولأندية رياضية ليس فيها من يهتم بغير المكاسب الوقتية وبأساليب رخيصة، فيها من العنف العضلي واللفظي والفكري أكثر ما فيها من الرياضة والأخلاق الرياضية أو لجمعيات ليس لها نشاط تربوي ولا شبابي فلا ينضم إليها الشباب· إن المسألة جادة أيها السادة الذين تخططون للجزائر القادمة لتكون أفضل من الجزائر القائمة، جزائر دون عنف، ودون كسل، وبأجيال تعتمد على ذراعها وليس على شركات النفط·