نفت قيادة البحرية الفرنسية الأخبار المتداولة عن الاستعداد لتسليم مدفع باب مرزوق التاريخي إلى الجزائر، في الأيام القليلة القادمة· وأكد المكلف بالإعلام على مستوى البحرية الفرنسية مارك غرانر، في تصريح نشرته جريدة ''بريد بريست'' حيث مقر القيادة العامة للبحرية الفرنسية، أن قيادة البحرية الفرنسية ''لم تتلق أي طلب في هذا الخصوص··· وإلى أن يثبت العكس فإن مدفع بابا مرزوق سيبقى عندنا''· وكان مؤسس اللجنة الوطنية لاسترجاع مدفع ''بابا مرزوق'' عبد القادر باباسي ورئيسة اللجنة فاطمة الزهراء بن براهم قد أعلنا في ندوة صحفية الأسبوع الماضي، ''أن اللجنة تلقت وعودا من كبار المسؤولين في فرنسا لاسترجاع هذا المدفع التاريخي في الخامس من جويلية القادم بمناسبة الذكرى الخمسين للاستقلال بعد 182 سنة من الغياب''· وإلى أن يتم التأكد من أن هذا المدفع التاريخي ستسترده الجزائر في 5 جويلية من العام المقبل، يبقى ''بابا مرزوق'' منصوبا في حالة يرثى لها جراء الإهمال بالضفة اليمنى لبينفالد بالقرب من باب ''تور فيل''· وليست هذه المرة الأولى التي تكذب فيها السلطات الفرنسية خبر اتفاق مبدئي على تسليم بابا مرزوق بعد قرنين من تحويله إلى هناك· وكانت وزيرة الدفاع الفرنسية السابقة ميشال إليوماري قد اعتبرت أن مدفع بابا مرزوق تراثا فرنسيا ولا يمكن أن يتم منحه لأحد، خاصة وأن رجل أعمال فرنسي يدعى دومينغو فرياند تقدم لشراء المدفع· كما أكد باباسي أنه ''تحدث إلى شخصيات مهمّة في السلطة الفرنسية عن أهمية هذا الجهاز في تاريخ الجزائر، وأعطوا موافقتهم لإعادة هذا المدفع إلى الجزائر، منهم جاك شيراك وآلان جوبي· كما اتصل به كبار المسؤولين في الجزائر لعرض مساعداتهم، حتى أن رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة قبل زيارته لفرنسا، طلب منه عشر نسخ من الكتاب الذي ألفه عن ''بابا مرزوق'' وقدّمها للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي أعطى هو الآخر موافقته لإرجاع المدفع إلى الجزائر· وقد أنجز مدفع بابا مرزوق عام 1542 مصهر حديد فينيقي من النحاس الخالص ودام صنعه أربع سنوات، ويبلغ وزنه 12 طنا ويصل طوله نحو 25,6 مترا، ومدى قذائفه إلى حدود 8,4 كلم، وأطلق عليه اسم ''مدفع الفاتح'' و''سيد المدافع'' ثم ''مدفع بابا مرزوق'' حامي الجزائر المحروسة· وقد صادره المحتل الفرنسي سنة 1830 وأخذه إلى فرنسا أين وضعه كنصب في إحدى ساحات مدينة ''بيرست'' إلى غاية اليوم، وهو مقرون أيضا بتاريخ الجزائر العتيقة، فبعد تمكن ''عروج بربروس'' من طرد الإسبان سنة ,1529 قام ''حسن باشا'' بتنفيذ مخطط عسكري دقيق لحمايتها يشمل العديد من الإنجازات، منها بناء الحصون والقلاع في زوايا الجزائر العاصمة· كما أمر بصناعة مدفع عملاق تحول مع مرور الوقت إلى أسطورة، نظرا للوظائف العسكرية الكثيرة التي برهن فيها على قوته، وعلى مدار سنين طويلة استخدم في عدة معارك ضارية واجهت فيها الجزائر أعداءها المتربصين، لعل أهمها المعارك التي دافع فيها الجزائريون عن بلادهم خلال حملة لويس الرابع عشر تحت قيادة الأميرال أبراهام دوكيسن سنة ،1671 وكذلك حملة الأميرال إيستري سنة .1688 وكان المدفع بمثابة مفخرة الصناعة الحربية الجزائرية يحمي خليج الجزائر من المرسى إلى غاية الرايس حميدو· ويروي بعض المؤرخين أن أحد دايات الجزائر الذين جاؤوا بعد وفاة حسن باشا غضب من القنصل الفرنسي وهو ''الأب فاشر'' سفير الملك لويس الرابع عشر بالجزائر الذي ساعد بتقاريره الاستخبارية الأميرال ابراهام دوكاسن في حملته الفاشلة لغزو الجزائر، فوضعه على فوهة مدفع بابا مرزوق وقصف به السفينة التي تقل قائد الحملة، ومن يومها والفرنسيون يسمون مدفع بابا مرزوق ''لاكونسيلار''·