صدر، مؤخرا، لبلقاسم باباسي، كتاب جديد يحمل عنوان ''ملحمة بابا مرزوق'' عن منشورات ''كولورسات''، وهو كتاب يتطرق فيه الكاتب إلى الأهمية التاريخية لهذا المدفع الذي يعتبر من أهم الأسلحة التي دافعت عن الجزائر لقرون، وضرورة المطالبة باستعادته من فرنسا التي أخذته كأسير حرب منذ 1830 حتى لا تكتشف هزائمها· ''ملحمة بابا مرزوق''تتطرق إلى الأهمية التاريخية لهذا المدفع الذي يعتبر رمزا من رموز تاريخنا المجيد وأكبر وأغرب سلاح تمكنت الجزائر من صنعه في أواخر العهد العثماني، كما يصنف ضمن المدافع الخطيرة في العالم، وقد صادره المحتل الفرنسي سنة 1830 وأخذه إلى فرنسا حيث وضعه كنصب في إحدى ساحات مدينة ابيرستا إلى غاية اليوم· ونظرا لأهمية هذا المدفع، فإن الجزائر تطالب باسترجاعه بعد ما يقارب القرنين من أسر هذا المدفع الذي أخذ كغنيمة سنة 1830، ورغم محاولات استعادته إلا أن البحرية الفرنسية رفضت ذلك باستمرار خوفا من أن ينكشف عار الفرنسيين الذي تسبب فيه هذا المدفع العملاق· فكم من فرنسي وضع في فوهته وأطلق كقذيفة إلى البحر وكم من مفخرة حققها للأسطول الجزائري على مدار سنوات طويلة، ولهذا يحتفظ الفرنسيون ب ''بابا مرزوق'' المدفع العملاق النادر، لأنه لو أعيد إلى الجزائر، سيجلب فضول الباحثين الذين سيكتبون قصصا حقيقية عن ذكريات سيئة سببها لهم، فاستيلاؤهم عليه كان بمثابة انتصار نفسي ومحاولة محو عار إلتصق بهم· ويعرف ''بابا مرزوق'' بسيد مدافع المحروسة والمدفع الذي أرعب الأعداء ودافع عن الجزائر، فقبل قرنين من الآن كانت الجزائر في العهد العثماني قوة ضاربة في البحر الأبيض المتوسط، بفضل أسطولها البحري الذي وقف في وجه الأعداء، كما كان نصيرا للضعفاء وسيفا قاطعا أربك قراصنة البحر· وتعود، قصة صناعة ''بابا مرزوق''، إلى القرن ال 16، فبعد تمكن ''عروج بربروس'' من طرد الإسبان سنة 1529، أصبح من الضروري تحصين مدينة الجزائر من خطر اعتداءات الصليبيين المفاجئة، فقام ''حسن باشا'' بتنفيذ مخطط عسكري دقيق لحمياتها، شمل العديد من الإنجازات منها بناء الحصون والقلاع في زوايا الجزائر العاصمة، ولعل أهمها إشرافه على صناعة مدفع عملاق، تحول بمرور الوقت إلى أسطورة، نظرا للوظائف العسكرية الكثيرة التي برهن فيها على قوته· هذا المدفع العملاق المسمى ''بابا مرزوق'' يبلغ طوله 07 أمتار وبإمكانه إيصال قذيفته إلى حوالي 4872م، أي حوالي 05 كلم، ويشرف عليه أربعة من رجال المدفعية الأقوياء· وعلى مدار سنين طويلة، إستخدم في عدة معارك ضارية واجهت فيها الجزائر أعداءها المتربصين، ولعل أهمها المعارك التي دافعوا فيها عن بلادهم خلال حملة لويس الرابع عشر تحت قيادة الأميرال أبراهام دوكيسن سنة 1671، وكذلك حملة الأميرال إيستري سنة 1688، فكان فخر الصناعة الحربية الجزائرية· ويروي، بعض المؤرخين، أن أحد دايات الجزائر الذين جاؤوا بعد وفاة حسن باشا، غضب من القنصل الفرنسي وهو ''الأب فاشر'' سفير الملك لويس الرابع عشر بالجزائر الذي ساعد بتقاريره الإستخبارية الأميرال أبراهام دوكاسن في حملته الفاشلة لغزو الجزائر، فوضعه أمام فوهة مدفع ''بابا مرزوق'' وقصف به السفينة التي تقل قائد الحملة، ومن هنا أصبح الفرنسيون يسمون مدفع ''بابا مرزوق'' ''لاكونسيلار''·