تحول اليوم الدراسي حول ''الحصانة البرلمانية·· مفاهيم وممارسات'' الذي نظمته، أمس، وزارة العلاقات مع البرلمان بالجزائر العاصمة، إلى ما يشبه الدورة التكوينية للنواب البرلمانيين أنفسهم، ورغم حضور ممثلين عن الدرك الوطني والشرطة والجمارك والصحفيين، إلا أن النقاش لم يشارك فيه إلى جانب الأساتذة الجامعيين المتخصصين في القوانين الدستورية إلا نواب البرلمان بغرفتيه، ووصل الأمر بأحد البرلمانيين من المهجر إلى حد المطالبة بامتيازات إضافية منها جواز السفر الدبلوماسي في مقارنة للنواب بالموظفين السامين للدولة، وهو الأمر الذي سار فيه نواب آخرون رأوا أن مفهوم الحصانة البرلمانية يبقى غامضا ولا يفي بالغرض وتكتنفه الكثير من الفراغات· وضرب أحد النواب، مثالا بنائب اضطر للتنقل إلى ولاية أخرى، فهل ستشمله إجراءات الحصانة أم لا تشمله وهو الذي تنقل من أجل عمله البرلماني· ودعا الكثير من البرلمانيين المتدخلين إلى ضرورة فتح النقاش أكثر حول موضوع الحصانة وضرورة ضبطه مع مشروع تعديل الدستور القادم، وفي إطار القانون العضوي الذي يضبطه من أجل تقنين الفراغات الموجودة في القانون الحالي وحتى لا يحدث استعمال مفرط للحصانة وفي غير محلها· ولعل ''الاستعمال المفرط للحصانة'' واستغلال الغموض الحاصل في هذا الموضوع هو الذي جعل نواب البرلمان في مأمن من أي مطالبة بنزع الحصانة، حيث لم يسبق لأي نائب أن رفعت بشأنه هذه الحصانة منذ استقلال البلاد والبرلمانات المتعاقبة، ورأى نواب أن ذلك غير ممكن إلا في حالات استثنائية لأن إجراءات رفع الحصانة تمر بالتصويت على البرلمان بالأغلبية ولا يمكن لنواب برلمان رفع الحصانة على زميل لهم لأن ذلك سيشكل سابقة قد تمسهم هم أنفسهم في المستقبل· واعترف الدكتور لمين شريط المتخصص في القانون الدستوري بنقص في التشريع في هذا الجانب، الناتج عن انعدام الممارسة، فلم يحدث أن رفعت الحصانة البرلمانية عن نائب منذ أول مجلس تأسيسي بعد الاستقلال· وفي ضوء غياب الممارسة والاجتهاد، تساءل شريط: كيف نفهم النصوص الدستورية المتعلقة بالحصانة؟ ليجيب أن الأمر يحدث في ضوء إسقاطات على حالات أجنبية، وفي ضوء هذه الإسقاطات، فإن الأمر قد يتجاوز إسقاط الحصانة إلى إسقاط العضوية نفسها من البرلمان، غير أن هذا لم يحدث في الجزائر بعد 49 سنة من الاستقلال·