قال حماري وهو يمضغ الكلام والهواء عن موضوع التصريح بدفن الميت فوق الميت وكأنه استحسن الفكرة·· ربما سندفن سويا أنا وأنت من يدري؟ إقشعر بدني لكلامه السخيف وقلت صارخا·· دفنت نفسي معك في الحياة في هذه الغرفة التعيسة المملوءة بالرطوبة وتريدني أن أدفن معك في موتي·· كم هذا مقرف؟ قال ناهقا·· ''اللي تعرفوا خير من اللي ما تعرفوش''·· قلت بأسف·· المعريفة ستطال القبور أيضا؟ قال·· هكذا تريد الدولة·· لم ترحمنا ونحن أحياء ولن ترحمنا ونحن ميتين·· قلت·· نريد رحمة الحياة فقط وبعد الموت حتى لو رموا الجثة في البحر لا يهمني الأمر·· نهق مستنكرا كلامي وقال·· أنا يهمني جدا·· قلت·· تفكيرك غريب·· حياتك كلها لم تستطع الحصول على سكن يوفر لك الحياة الكريمة وتفكر في ما بعد الحياة·· في الموت؟ قال ناهقا·· أنت تعرف من عاش ملكا في حياته أكيد سيدفن مع الملوك·· قلت·· ومن عاش من حمار أكيد سيدفن مع الحمير·· إنطلق حماري في قهقهة غريبة وقال·· ربما تجد في الحوار من حسن الجوار ما لا تجده في بني جلدتك أيها الإنسان المتجبر·· قلت ضاحكا·· لست متجبرا ولكني أريد فقط أن أحيا مثل خلق الله وأدفن أيضا مثل خلق الله·· قال·· هذا الموضوع يجعلك تفكر في ما بعد الحياة بعدما كنا نفكر فقط في الحياة وكيف نستطيع التخلص من همومها·· لكن همّ آخر يضاف مع من يا ترى ستدفن عظامك؟ قلت ضاحكا·· كيف كيف بعد الموت ليكن الطوفان·· قال·· صحيح كلامك لكني أنا من الآن سأتدبر أمري مع حفار القبور حتى يضمن لي قبرا يليق بمكانتي الإجتماعية··