لقائي بأحد الأصدقاء كان كله لوم وعتاب لأني بعدت عن الأصحاب وما عدت أسأل ولا أتصل، وحتى أمتص غضبه جالسته على مقهى الحي بعد الإفطار وطلبت له فنجان شاي وقطعة ''قلب اللوز'' ورغم ذلك لم أخلص من كلامه· قال·· - أنا عاتب عليك·· بربك كيف تفضّل الحمار علينا وتصاحبه وتأخذه معك في كل مكان ونحن أصدقاء الطفولة والدراسة لا تكلف نفسك حتى عناء السؤال؟؟ ضحكت من كلامه وقلت·· - إذن أنت تغار من صحبتي للحمار وليس بك الشوق إليّ؟؟ قال·· لا لست أغار من ذلك ولكن دهشتي هي التي جعلتني أتطفل على صداقتك مع ذلك الحمار طويل الأذنين·· ثم بربك قل لي هل الحياة ناقصة إستحمار حتى تضيف إليها أنت حمورة حمارك؟؟ ضحكت من جديد وقلت له·· - صدقني في هذا الزمن مصاحبة الحيوان أفضل بكثير من مصاحبة الإنسان·· صحيح أنه يقلقني أحيانا ويجعلني أفور أحيانا أخرى ولكنه لم يصبني بالأذى مطلقا عكس بني جلدتك الذين لا يفوتون فرصة للتمنشير والافتراء بالرغم من بعدك عنهم· ثم يا صاحبي، حماري ليس عاديا بل هو مثقف ومتابع للشأن الداخلي والخارجي وقارئ جيد للأدب والسياسة والاقتصاد ويفهم في بواطن الأمور ويعطيها بعدها الفلسفي·· و·· قاطعني صديقي ضاحكا·· أصمت أرجوك تكاد تصور لي حمارك هذا عالما الزمن أخطأ في حقه ولم يعطه جائزة نوبل للمعارف· قلت له·· لا أقصد تضخيمه وإعطاءه ما ليس من حقه ولكن صحبتي للحمار أكدت لي فعلا أن الحيوان يملك أشياء كثيرة يُحسد عليها من هدوء وراحة البال ووفاء· لم أكمل جملتي الأخيرة حتى لمحت حماري مترنحا من بعيد يلوح بيده متجها نحوي·· وما إن وصل حتى نهق عاليا وقال أنا أعشق المتنبي خاصة حينما يقول·· إذا أتتك مذمتي من ناقص·· فهي الشهادة لي بأني كامل··· وأطلق من جديد ضحكاته الهستيرية في الشارع·· مستطردا قوله·· رغم أن الكمال للخالق وحده·