يستعجل بعض المتتبعين للشأن الأدبي ظهور روايات عربية تتحدث عن الثورة وتعيد صياغتها أدبيا، في وقت يدعو الأكثر صبرا إلى منح الكتاب والمبدعين الوقت الكافي ليهضموا ما حدث ومازال يحدث في الشارع العربي· فالرواية كما السينما تطالب بحقها في ''المسافة الجمالية'' التي يتحدث عنها جابر عصفور عندما تناول موضوع الثورة المصرية وعلاقتها بالرواية، وطالب القراء بأن يمهلوا الأقلام فرصة لاسترجاع الأنفاس والتموقع في خريطة التغيير التي ضربت المجتمع· بعيدا عن الاستعجال، وحتى يأخذ الحدث حقه في الكتابة لم يختلف الكاتب الأمريكي أو اللاتيني أو الأوروبي عن نظيره العربي، حيث طبعت كتبتهم مواضيع إنسانية، تخص مشاكلهم اليومية، وعكس ما فعله اجتياح العراق من تأثير، غرقت كل الكتابات هذا العام في معضلة البحث عن الذات· أجمع النقاد والمتتبعون للحركة الأدبية العالمية، أن الروايات الصادرة طيلة العام المنصرم، ارتكزت أساسا على قصص الحياة العادية، وكتبت عن الحب والعلاقات الإنسانية، والبحث عن الذات، ولم تكن صورة عاكسة لما يدور من غليان تقاسمته شعوب العالم· فارتفاع عجز الموازنة، وتراجع أداء المؤسسات المالية في أوروبا والولايات المتحدةالأمريكية لم تغري مخيلة الأدب، الذي ركز على القصص الغرامية والعوالم الفنتازية المتخيلة والعنف وتجارة المخدرات· ''النوبلي'' توماس ترانسترومر·· سويدي ينتصر للشعر لا تكتمل نكهة الطبق الأدبي العالمي دون الحديث عن جائزة نوبل للآداب ,2011 التي فاجأت الجميع بمنحها لشاعر سويدي، هو المخضرم توماس ترانسترومر (80 عاما)، وعلى خلاف كل التوقعات، سمحت نوبل للآداب، بإعادة اكتشاف أدب هذا الشاعر الذي لم يكن يتوقع في يوم من الأيام، وخاصة مع تألق إبداع ثورات الربيع العربي، حصوله على هذا التقدير العالمي· استهل ترانسترومر مسيرته الأدبية عام 1954 بديوان (سبعة عشر قصيدة)، الذي ترجم إلى 50 لغة، ويبرز من بين أهم أعماله ''سماء منتصف النهار''· في فرنسا، صدرت أعماله الشعرية الكاملة لدى دار ''كاستور أسترال'' بين عامي 1996 و.2004 ولا يبتعد الشاعر عن الواقع الآني إلا للإشارة إلى القوى التي تعمل بعمق في هذا الواقع، بما في ذلك المصائب الكامنة خلف الواجهة الجميلة لحضارتنا البشرية· وإن استخدم الحلم في عدد مهم من قصائده، فباعتباره الوسيلة الوحيدة لبلوغ وفهم الأنظمة الكبرى التي تسيرنا وتتحكم بعالمنا· ''حرية'': جوناثان فرانزن يلبي حنين الأمريكيين تعتبر أهم رواية أمريكية صدرت في القرن الحادي والعشرين، وتقديرا لهذه الأهمية خصصت مجلة ''تايم'' الشهيرة في أوت الماضي لأول مرة منذ نحو عقد من الزمان غلافها للأديب الشهير، وهو ما اعتبر أيضا حدثا عالميا في حد ذاته· تمثل الرواية استجابة لحنين الأمريكيين إلى الرواية الأدبية العريقة، واعتبرها النقاد بمثابة طوق نجاة لجنس الرواية الأمريكية الأدبي من الضياع، بعد سطوة روايات الكوميك والروايات الإلكترونية· ''حرية'' هو ملحمة اجتماعية واقعية من الغرب الأمريكي، وتعرض هذه المنطقة إلى سيل المجتمع المعاصر· ''الخريطة والأرض'': ميشيل ويلبيك يطعن في التكنولوجيا كتاب الأديب الفرنسي المثير للجدل ميشيل ويلبيك، والذي نال عنه جائزة جونكور العريقة، وأشاد به النقاد وحقق أعلى المبيعات خلال .2011 نجح ويلبيك في إقناع معارضيه، باستحقاقه للجائزة، وهم الذين كانوا يعترضون لسانه الحاد وموقفه اتجاه الإسلام والمسلمين· إلا أنهم هذه المرة كانوا أكثر تفهما لخطابه الذي حمل نقدا مباشرا للأساطير الاجتماعية المعاصرة، خاصة الفن والتكنولوجيا الحديثة، واضعا نفسه محور عمله الأدبي، حيث ابتكر شخصية أدبية جديدة اسمها ''ويلبيك''· تتحدث الرواية، عن الفن والحب والمال وشخصيات المجتمع، مثلما يسخر من الريف الفرنسي، كما يتخيل سيرة قاتله· قالت عنه الصحفة الفرنسية، أنه أعطى في نصه، ''كل التوابل التي صنعت نجاحه''، ويتعلق الأمر بتفتيت المجتمع الفرنسي عبر لعبة احتفالية دامية، ساخرا من الاعتبارات الاجتماعية للفرنسيين، والدلالات المعتمد عليها· كما قالت صحيفة ''لوفيغارو'' عن الرواية ''نجد في هذا الكتاب كل التوابل التي صنعت نجاحه: تفتيت مجتمعنا عبر لعبة مجزرة احتفالية، عبر المعاينات الموحشة حول العلاقات الإنسانية، الاعتبارات الاجتماعية ذات المراجع والدلالات، بما فيها الصحفيون ووسائل الإعلام، من دون أن ينسى أحكامه القاسية حول الفن والحب والرغبة والجنس والدعارة والتكنولوجيا والكحول والشيخوخة والانهيار الجسدي· ''الغراميات''·· الإفلات من العقاب حاز كتاب الإسباني خافيير مارياس ''الغراميات''، شهرة كبيرة خلال عام ,2011 وينتظر ترجمته إلى أكثر من 20 لغة حتى الآن· يتناول مارياس في روايته أحد جوانب المجتمع الأكثر غموضا في مفهوم الدولة الحديثة وهو تزايد التساهل مع ظاهرة الإفلات من العقاب، لتصبح المجتمعات غير قابلة للاندهاش أو الفزع، إزاء أي نوع من الانتهاكات، مشيرا إلى أن هذا الأمر لا يحدث في إسبانيا وحدها، محذرا من أن الوضع في إيطاليا أسوأ بكثير· وتقع الرواية في 400 صفحة، وتدور وقائعها في مدريد في الوقت الحالي، ويرجح بالرغم من بداياتها الملحمية المعتادة لأعمال مارياس الأدبية، أن تكون مستوحاة من أحداث حقيقية سردتها على مسامعه إحدى صديقاته، وهو ما يظهر في صوت الراوي الأنثوي، بالرغم من أنه يتسم بالغموض والتشاؤم· ولا يعتقد مارياس في دور القدر في العلاقات العاطفية، فيما يؤمن بالحظ الذي يضرب بعبثية كافة الجوانب، ليصبح أشبه ب ''لعبة من ألعاب القمار أواخر الصيف''، حسبما يذكر الكاتب في نص الراوية· ومع ذلك يرى أن النظرة التشاؤمية تكون مفيدة أحيانا لأنها تفيق المتلقي من أي أوهام خادعة·