يبدو أنه بالقدر الذي حبلت السنة الماضية من يأس بالقدر الذي ستولد الموت في هذا العام الجديد، فقد عرف الأسبوع الأخير من العام الماضي ثلاث محاولات انتحار انتهت مع مطلع هذا العام بوفاة الثلاثة· سجلت الجزائر، في الثمانية والأربعين ساعة الأولى من العام الجديد وفاة 3 أشخاص انتحروا بإضرام النار في أجسادهم، بما يوحي بأن السنة الجديدة أعلنت عن لونها قبيل أشهر قليلة من الانتخابات التشريعية· فقد لقي مواطن من ولاية جيجل حتفه، صبيحة أول أمس الاثنين، بمستشفى جيجل متأثرا بجروحه بعد محاولته الانتحار حرقا في الأيام الأخيرة من العام الماضي· وقال مصدر من مستشفى جيجل أن المدعو ''إيدير·ب'' استقبلته مصلحة الاستعجالات بالمستشفى يوم 28 ديسمبر الماضي، بعد أن سكب البنزين على جسده وأضرم النار فيه· ولم تعرف إلى حد الآن أسباب التي دفعته إلى مثل هذا العمل· وبولاية وهران لفظ مواطنان اثنان أنفاسهما، في اليوم نفسه، بمستشفى الفاتح نوفمبر بإيسطو بوهران، بعدما حاولا هما كذلك الانتحار حرقا، احتجاجا على السكن منذ أيام قليلة· وبحسب ما نقلته وسائل الإعلام، فإن الأمر يتعلق بشخص في الأربعين من العمر، متأثرا بجروح بالغة جراء الحروق التي أصابته على إثر محاولته الانتحار حرقا أمام مقر مجلس القضاء، احتجاجا على طرده من مسكنه بالقوة العمومية· أما المواطن الثاني فهو شيخ عمره 65 سنة، توفي هو أيضا متأثرا بجروحه، بعد أن أضرم النار في جسده بمنطقة قديل، احتجاجا على طرده، هو الآخر، من سكنه المؤجر، بعد تأخره في دفع الإيجار لأشهر· هذان الضحيتان تضافان إلى انتحارين اثنين، على الطريقة البوعزيزية، سجلتهما ولاية وهران في الأسابيع القليلة الماضية، بعد انتحار مواطن في آخر يوم من السنة المنصرمة، وهو أب ل 6 أطفال مصاب بالسيدا بمصلحة الأمراض المعدية بالمستشفى الجامعي· وقبلها، في 7 أكتوبر الماضي، انتحار سيدة وأم بوسط المدينة، احتجاجا هي الأخرى، على طردها من مسكنها بالقوة· كما انتحر قبل أشهر قليلة طالب جامعي في ال 19 من العمر بأرزيو أمام مقّر أمن الدائرة في ظروف غامضة، لتحاول شقيقته البالغة من العمر 32 سنة الانتحار بنفس الطريقة مؤخّرا، بعدما رفض رئيس البلدية استقبالها· وعرفت ولاية سكيكدة ثلاثة أيام قبل نهاية العام، أي في 27 ديسمبر الماضي وفاة توفي صبيحة أمس، بمستشفى العايب دراجي بالحروش، الشاب ''ك· فيصل'' متأثرا بحروقه الخطيرة التي أصيب بها، بعد أن حاول قبل 40 يوما الانتحار حرقا ببلدية تمالوس· وكان الضحية البالغ من العمر 27 سنة، قد أقدم على حرق نفسه يوم 19 نوفمبر الماضي· وبالشرق الجزائري دائما أقدم تلميذ ثانوي بمتقنة عبد الحفيظ عاتي بوادي العثمانية بميلة، في 20 ديسمبر الماضي على الانتحار حرقا داخل دورة مياه الثانوية بعد طرده من القسم عقابا له على عدم إحضاره كراس إحدى المواد· وقد نقل الطالب ''ش·سفيان'' البالغ من العمر 17 عاما إلى المستشفى الجامعى ''ابن باديس'' بقسنطينة، ليلفظ أنفاسه بعد ستة أيام قضاها داخل المستشفى للعلاج· وبمدينة أوقاس بولاية بجاية أضرم شاب عمره 23 سنة النار في جسده بوسط المدينة، في 21 ديسمبر الماضي، بعد أن صب على نفسه خمسة لترات من البنزين ليخرج بعدها إلى الشارع، وقد حاول العديد من الأشخاص الذين كانوا بالقرب منه إخماد النيران المشتعلة بجسده، إلا أن ذلك لم يجد نفعا، حيث أصيب بحروق بالغة· وفي تبسة وحدها بلغ عدد المنتحرين بإضرام النار في الجسد 7 أشخاص، منذ مطلع العام، كان أولهم محسن بوطرفيف، إثر رفض مسؤول محلي منحه وظيفة· ولا توجد إحصائية دقيقة بعدد الذين انتحروا حرقا، منذ انتحار البوعزيزي بتونس، إلا أن الأرقام الأولية تشير إلى أنهم في حدود 20 واحدا لقوا حتفهم دون حساب المحاولات التي أودت بأصحابها إلى المستشفى فقط، أو تلك التي أجهضها المواطنون أو مصالح الأمن، ناهيك عن حالات الانتحار بطرق أخرى· ويلاحظ أن أغلب الحوادث كان سببها الاحتجاج إما على السكن أو البطالة، لكن الظاهرة مست كل الولايات من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها ومست مختلف الأعمار·