يرى البروفيسور والخبير الاقتصادي عبد الرحمن مبتول، أن 40 بالمائة من السوق الجزائرية تتحكم فيه السوق الموازية، وهو ما يطرح إشكالا في غلاء الأسعار التي يفرضها منطق هؤلاء، مؤكدا أن 70 بالمائة من الجزائريين يتقاضون أجورا لا تتجاوز 25 ألف دج، يذهب 80 بالمائة منها لاقتناء المواد الاستهلاكية· كيف تفسر من منظور اقتصادي الغلاء الفاحش في المواد الاستهلاكية على غرار الخضر والفواكه إضافة إلى اللحوم البيضاء والحمراء؟ ما يمكن أن أقوله في هذا الإطار هو أن السوق الموازي يتحكم في 40 بالمائة من السوق الجزائرية، وهو ما تؤكده أرقام الاتحاد الوطني للتجار حينما تقول أن 3 ملايير دج تعاملات خارج الرقابة، هناك إشكالية فوضى والحكومة تتحمل قسطا كبيرا مما يحدث خاصة بعد قرار التراجع عن التعاملات بالشيك الذي يعتبر إحدى العمليات التي ستسمح بمراقبة وتتبع مختلف عمليات البيع من خروج السلعة من المخزن أو الميناء إلى غاية وصولها إلى المستهلك النهائي، وهذا الوضع ساعد بكثير لوبيات التصدير والاستيراد التي تفرض منطقها في السوق الجزائرية· إذن تعتقد أن الارتفاع المحسوس في الأسعار هو بالدرجة الأولى راجع إلى الفوضى؟ بطبيعة الحال هو من بين المسائل الجوهرية حينما تذهب إلى تاجر التجزئة ويقول لك إنه اشتراها بسعر مرتفع وتذهب إلى المنتج الأول أو المصدّر ويقدم لك سعرا منخفضا يعني أن هناك خللا في سلسلة التوزيع، وهنا المشكل لا يكمن في بن بادة أو مفتشيه لأنه لا يمكن أن يضع مليون مراقب أمام كل موزع أو تاجر، بل المشكل الأساسي يكمن في السياسات المنتهجة من قبل الحكومة الحالية وغياب الدولة واضح ومرتبط بالسياسة الاجتماعية والاقتصادية العامة والتدعيم الذي تضعه الدولة حاليا لا تستفيد منه مباشرة الطبقات والفئات الهشة من المجتمع· هل للارتفاع في المواد الاستهلاكية المذكورة سابقا له علاقة بالزيادات في الأجور؟ في البداية دعني أرد على تصريحات وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي حينما يؤكد أن القدرة الشرائية للجزائريين ارتفعت بنسبة 45 بالمائة، هذا غير صحيح لأنه لا يمكننا أن نقيس ذلك على الدخل الإجمالي الخام في وقت يمثل فيه 10 بالمائة فقط من الجزائريين 50 بالمائة من هذه النسبة، في حين أن 90 بالمائة من الجزائريين يمثلون 50 بالمائة الأخرى، إذن هذا ليس صحيحا والمعلومات التي قدمها الوزير مغلوطة، كما أن 70 بالمائة من الجزائريين يتقاضون أجرا أقل من 25 ألف دج، 80 بالمائة منه يوجه نحو المواد الاستهلاكية، أما ارتفاع المواد الاستهلاكية فمنها، كما قلت، راجع إلى المضاربة والثاني إلى الارتفاع في بعض المواد الأساسية في الأسواق العالمية وكذلك غياب سياسة إنتاجية ناجعة·