تشهد أسعار المواد الإستهلاكية واسعة الاستهلاك تصاعدا عشية شهر رمضان، فبالرغم من كل الإجراءات التي باشرتها وزارتا التجارة والفلاحة للقضاء على كل فرص الإحتكار والمضاربة في الأسعار والقضاء على الأسواق الموزاية، يبقى منطق السعر خاضعا للتجار، فسعر اللحوم الحمراء بلغ 1000 دج، البطاطا ب50 دج، والدجاج ب300 دج والطماطم ب80 دج. أسعار أسواق التجزئة تعرف حالة من الغليان قبل بضعة أيام من الشهر الفضيل والمواطن يبقى عاجزا عن الإقتراب مما لذّ وطاب، فالسؤال يطرح نفسه: هل هذا التاجر والمضارب في نفس الوقت، هو أحد أفراد الشعب، أم أنه أصبح وسيلة لنهب المواطن بدعوى ارتفاع الأسعار كلما جاءته الفرصه، همه الوحيد هو كيفية تحصيل أكبر أرباح ممكنة. ولكن الحقيقة الأخرى هي تصرفات المستهلك السلبية التي تساهم في رفع الأسعار، وإلا كيف نفسر توافد جل المواطنين على أسواق التجزئة وحتى الجملة من أجل الظفر بخضر طازجة وبأسعار منخفضة كأنّ مثلها مُنعدم في أيام رمضان، ومن خلال حديثنا لبعض المواطنين في سوق »كلوزال«، أكد أن تهافتهم على السلع قبيل رمضان، مرده تخوفات من ندرة بعض المواد الإستهلاكية، وكذا عامل النوعية، لكن أمين ذي 47 عاما لديه ما يُبرّر تصرفه بقوله »كثرة الإلتزامات وصعوبة التحرك طيلة شهر الصيام بسبب التعب، يُحتّم علي التسوق من قبل وبكميات كبيرة«. وفضّل المتحدث الخوض في الحاجيات الضرورية من المواد الأساسية التي يرى أنه لا يمكن الاستغناء عنها خلال رمضان كالفريك، والعينة، والأجبان بكل الأنواع، اللحوم، الدجاج، البطاطا، الخس، العصير بأنواعه، الفواكه...والقائمة طويلة، حسبه. ولكنه تابع يتحدث بمرارة »الأسعار تتصاعد يوميا، وبورصة كل سوق خاضعة لجهة من المضاربين يفرضون فيه منطق أسعارهم«، مؤكدا أن المواطن البسيط، يعجز عن تلبية كل طلبياته، قبل أن يتساءل : »السوق يجب أن تحكمها ضوابط، أما أن يكون سعر السوق خاضعا لمنطق التاجر فقط، يجعلنا نستفهم طبيعة غياب دور مصالح المراقبة ومعاقبة المخالفين«. يصف أحد التجار الذين التقيانهم في سوق الساعات الثلاث بباب الواد مصالح المراقبة التي تتابع تعاملات التجار خاصة أنه لا يميزهم زي رسمي، ويكونون في صفة مواطن عادي، معتبرا أن التعامل بحزم في كل التجاوزات وإقصاء العاطفة في التعامل حتى مع الجيران، يجلعنا نرتعد كلما سمعنا »فرقة مراقبة«، لكنه رفض مصطلح »جشع التجار«، وردّ بقوله »فوائدنا لا تتعدى 2 بالمائة من أسعار الجملة وفي أحسن الأحوال 5 بالمائة، فلماذا لا تكثّف فرق المراقبة نشاطاتها على مستوى أسواق الجملة التي تحظى بأرباح خيالية«. أما محمد 36 سنة، متزوج مؤخرا، فيقول إن الأجرة الشهرية أصبحت لا تلبي احتياجات البيت في الأيام العادية، فكيف بذلك في شهر رمضان، وأضاف »خلال شهر جويلية لمست تصاعدا مستمرا في الأسعار ككل عام، ألا يمكن تسقيف كل أسعار المواد الإستهلاكية ويتم وضع حد لجشع التاجر الذي لا يرضى إلا بأرباح غير محدودة«، وقال »التاجر حقّار والعام طويل لي حب يربح«، ولكن مُحدثنا أبدى خشيته من مضاعفة أسعار المنتجات الغذائية أكثر مع حلول شهر رمضان، قبل أن يعلق أماله على تكثيف فرق المراقبة لخرجاتها الميدانية للقضاء على الفوضى في الأسواق. ومعلوم أن وزير التجارة مصطفى بن بادة كان قد أكد أن مصالح المراقبة ومكافحة الغش ستكثف من نشاط أعوانها خلال شهر رمضان وذلك من خلال تدعيم عدد الأعوان وتمديد فترات العمل لتشمل أيضا عمليات المراقبة في الليل وكذا أيام العطل، بل وطمأن بأن أسعار المواد الاستهلاكية في السوق عشية رمضان مقبولة مقارنة بالسنوات الماضية. إلى متى احتكار السلع والمضاربة في أسعارها؟ بالرغم من مجهودات السلطات المختصة في القضاء على الأسواق الموازية، لكنها تشهد بالمقابل اتساعًا ملحوظًا، فبلغة الأرقام أصبحت تستقطب هذه الأخيرة 60 بالمائة من إجمالي المستهلكين، فضلا عن أنها تشغل الآلاف من التجار غير الشرعيين، لاسيما إذا علمنا أن بعض الأرقام تتحدث عن السوق الموازية لحوالي مليوني شخص، مما حول هذه الأخيرة إلى قوة ضاربة ومؤثرا فعالا في بورصة أسعار المواد الإستهلاكية على المستوى الوطني، بحكم سيطرتها على حوالي 40 بالمائة من السيولة النقدية المتداولة. ومن خلال الجولة الإستطلاعية التي قادتنا هذه المرة لسوق علي ملاح ببلدية سيدي امحمد، سلّمنا بأن الفواكه في رمضان لن تكون في متناول الجميع هذه المرة أيضا، رغم أننا في موسم الصيف الذي يعرف توفرا كبيرا لها، إلا أننا تأكدنا مرة أخرى بأن رمضان هذا العام لن يختلف على الأعوام الماضية التي شهدت فيها موجة غلاء كبيرة، فالتفاح ب200 دينار للكلغ بعدما كان لا يتعدى 100 دج، الموز 180 للكلغ بعدما كان 80 دج، العنب 150 للكلغ بعدما كان 60 دج، الخوخ 120 للكلغ بعدما كان 50 دج، الإيجاص إلى 240 دج بعدما كان عند 100 دج وهو ما أكد بشأنه الحاج العنقى كما فضل تسمية نفسه »يا ابني شعلوا فينا النار، ولم يحترموا فضائل شهر شعبان ورمضان، ألا يوجد رحمة في قلوب التجار«. أما الخضر فلم تكن أحسن سعرا من الفواكه، حيث شهدت ارتفاعا كبيرا مقارنة بالأيام الأولى من شهر جويلية، حيث وصل سعر الفلفل والطماطم والبذنجان إلى 80 دج، بينما السلطة فاستقرت عند مبلغ 100 دج بعدما كانت لا تتعدى 50 دج في الأيام الماضية، أما سعر الجزر والكوسة فارتفع إلى 60 دج، أما عروس المائدة الجزائرية البطاطا المسكينة، فوصلت 55 دج، وبالحديث عن البصل فقد وصل سعره إلى 50 دج بعدما كان لا يتعدى 25 دج ، فيما وصل الزيتون إلى 280 دج للكلغ، والليمون إلى 180 دج، أما الثوم فبلغ رقم قياسي ب 300 دج، والباذنجان 65 دج، الخيار، 60دج، الجزر 50 دج، الكوسة 80 دج.. وبالحديث عن أسعار اللحوم فحدث ولا حرج، اللحوم الحمراء ب 1100دج بالنسبة للحوم الغنم و950 دج بالنسبة للحوم البقر بعدما كانت لا تتعدى 700 دج للنوعين، فيما بلغت أسعار اللحوم البيضاء إلى 320 دج، أما لحم الديك الرومي فقد وصل إلى 200 دج، لكن أسعار الأسماك ليست بأحسن حال، فقد وصل سعر الجنبري إلى 1200 دج، بينما وصل سعر الحوت إلى 600 دج والسردين إلى 180 دج، »إشتري أيها القليل« كما وصفه أحد محدثينا. ويبقى أن المواطن يعلق أمالا كبيرة على الإجراءات التي اتخذتها بشكل مستعجل كل من وزارتا التجارة والفلاحة في محاولة لضبط الأسعار والقضاء على المضاربة التي باتت تثقل كاهل المواطنين على حد سواء، لكن تبقى الأسواق الموازية أيضا أرحم في الأسعار من الأسواق القانونية، مما يجعلها ملجئا حقيقيا للمواطن البسيط وينافسهم فيها حتى ميسورو الحال. التمر ب500 دج والمشمش المجفف ب750 دج يبدو أن حلاوة التمور ستمتزج هذه المرة في شهر رمضان بمرارة أسعارها وستضطر العائلات الجزائرية للتفكير في إيجاد زينة أخرى للمائدة بعد أن وصلت مبلغ 500 دج، وستعرف ارتفاعا أكثر بحلول رمضان، فيما سجلت أسعار الفواكه الجافة التي تميز شهر الصيام ارتفاعا آخر، المشمش المجفف ب 750 دج، أما سعر العينة التي تعرف تزايد أعداد مستهلكيها خلال الشهر رمضان فوصلت حاليا 360 دج، والزبيب ب 500 دج، والعاقبة للمزيد. أما أغلب المواد الإستهلاكية التي عجلت باندلاع ما تم تسميته ثورة الزيت والسكر في شهر جانفي الفارط، فتشهد استقرارا بفعل الإجراءات التي بادرت السلطات المختصة إلى إعتمادها والتشديد على المخالفين، فزيت المائدة صفيحة من 5 لتر التي سجلت ارتفاعا من 550 إلى 590 دينار في الأيام العشرة الأخيرة، فيما تستقر أسعار مادة السكر عند 90 دج رغم انخفاض أسعارها في الأسواق العالمية، ولكن تبقى أنها لا تتجاوز التسقيف الذي حددته الحكومة. وبالنسبة للطماطم المصبرة، فاستقرت عند 155 دج للكلغ، والقهوة التي لن يستغني عنها الجزائريون بحلول رمضان، وتزين لياليهم، فاستقرت عند 135 دج ل250 غ، والمارغرين ب150 دج ل400 غ، والحمص ب180 دج للكلغ، وزيت الزيتون ب680 للتر، الأرز ب100 دج للكلغ، الزبدة ب980 للكلغ، السمن 210 دج ل800 غ، ومع بداية العد التنازلي لحلول الشهر رمضان لا يخلو يوم واحد من أيام الشهر الفضيل دون احتساء »شربة فريك« الذي بلغ حاليا 300 دج للكلغ، ومنها الفريك المغشوش الذي أصبح يشكل خطرا كبيرا على صحة الصائم، إلاّ أن العائلات الفقيرة ستُجدّد عهدها مثل كل الأعوام بشربة العجائن بسبب ارتفاع سعر الفريك، فلسان الطير والشربة العادية ب80 دج، والقائمة طويلة. اتحاد التجار يتوقع انخفاض الأسعار يتوقع الناطق الرسمي باسم اتحاد التجار والحرفيين الجزائريين، أن تعرف الأيام الأولى لشهر رمضان إقبالاً كبيرًا من طرف المواطنين على الخضر واللحوم ذات الاستهلاك الواسع، الشيء الذي سيخلق ضغطًا على هذه المنتجات، لكن سرعان ما يعرف ذلك تراجعا في السعر وفي التسوق أيضا، كما ربط ذلك المتحدث، تكثيف فرق المراقبة لدورياتها من أجل ضبط الأسعار وتجنب المضاربة التي تثقل كاهل المواطن أكثر مؤكدا أن الإتحاد طالب جميع التجار بالتبصر والتعاون مع جميع المصالح المختصة لتنظيم الأسواق خلال شهر رمضان، حتى يتم قطع الطريق على التجارة الموازية والتجار الطفيليين، خاصة إذا علمنا يضيف المتحدث أن أكثر من 100 ألف تاجر فوضوي يغزون الأسواق عشية رمضان ومعلوم أن الحكومة قامت باتخاذ تدابير مهمة تمثلت في استحداث هيئة مختصة لضبط أسعار بعض المواد الاستهلاكية، تقوم تخزين كميات كبيرة من المواد الغذائية الأساسية، على غرار تخزين 150 ألف طن من مادة البطاطا، وأطنان من الطماطم ومواد أخرى، حتى تتحكم باستقرار الأسعار وتكون هي صاحبة القرار في توقيت طرح الكميات المخزنة في السوق. الأجبان تدخل عادات الجزائريين في شهر الصيام ربما ما جعلنا نستغرب خلال الجولة الإستطلاعية التي قادتنا إلى بعض المحلات والأسواق، هو دخول كل أنواع الأجبان مسار المنافسة في مائدة الأسرة الجزائرية، وهو ما أكده لنا محمد صاحب محل تجاري في بئر توتة، خاصة بعد أن لمس تزايد عدد الزبائن المستهلكين للأجبان مقارنة بالأشهر العادية، وبالعودة لقائمة الأسعار، نجد مختلف أنواع الأجبان العادية ابتداء من 60 دج لغاية 240 للعلبة، وكمامبير ب240 دج للعلبة من إنتاج محلي. ويبقى أن تجار التجزئة دائما يرجعون غلاء الأسعار لمغلات تجار الجملة على مستوى كل من سوق الرافيقو والكاليتوس وبوفاريك بالنسبة للخضر والفواكه، وجسر قسنطينة بالنسبة للمواد الإستهلاكية الأخرى، وبينهما تبقى الحقيقة مغيبة، إلى أن يسود القانون الجميع ويعاقب المخالفون بقوة القانون.