ما من يوم يمر إلا وتطالعنا الأخبار عن وقوع حوادث مرور مرعبة تتسبب فيها خاصة حافلات النقل التابعة أساسا للخواص، سواء تعلق الأمر بتلك التي تنشط ما بين الولايات أو تلك التي تنقل المسافرين في دوائر وبلديات الولاية الواحدة· وإذا كانت أسباب هذه الحوادث المميتة قد تعود دائما إلى العامل البشري على اعتبار أن السائق هو الذي يقود الحافلة ويتولى نقل المسافرين، فإن قِدم بعض المركبات قد ساهمت هي الأخرى في تكرار مآسي الطرقات، فيما يبقى عامل السرعة الذي يميز تحركات الحافلات الجديدة هو الآخر عنصر فاعلا في ارتفاع عدد حالات الموت التي طالت المواطنين الأبرياء· وإذا كانت بعض حوادث المرور التي تسببت فيها بعض هذه الحافلات قد أيقظت الضمير الجماعي وفتحت نقاشا حول واقع الظاهرة والحلول الممكنة للتقليل منها، فإن الأمر الثابت الذي لا يمكن تجاهله هو أن ضحايا حافلات الموت ما يزال متواصلا، إذ بعد حادث الأغواط الذي أودى بحياة حوالي 30 مسافرا، جاء حادث المدية الذي وقع قبل أيام ليؤكد بأن مسلسل حوادث الحافلات ما يزال متواصلا· وإذا كانت هناك أطراف مسؤولة تتحمّل نتائج ما يقع يوميا من تجاوزات خطيرة في حق المسافرين وحياتهم، فإن كل طرف يحاول الإلقاء باللوم على الطرف الآخر، كما أن الآراء حول هذا الموضوع تختلف من جهة إلى أخرى على منوال ما ذهب إليه عمار فينزة رئيس المنظمة الوطنية للناقلين الخواص، الذي يرى بأن: ''حوادث المرور التي تتسبب فيها الحافلات لا تقتصر فقط على القديمة منها، بل حتى الحافلات الجديدة التي توجد في حالة جيدة ساهمت في ارتفاع حصيلة هذه الحوادث، كما أن العوامل المباشرة التي تؤدي إليها عديدة ومتشعبة، ويبقى الجانب الإنساني فيها مهما وكبيرا، حيث أن الإفراط في السرعة، النرفزة··· إلخ، كلها مسببات مباشرة ومؤثرة''· عندما سألنا فنيزة عن التواجد الكبير للمركبات القديمة التي يجازف بها أصحابها في نقل المسافرين، أكد لنا دون تردد بأن التعليمة التي وصلتهم من الوزارة تقول إن الحظيرة مفتوحة للجميع: ''لا يخفى على أحد أن هذا القطاع حساس وتعليمة الوزارة لا تنص ولا تحدد عمر الحافلة، كما أن التعليمة 416 تتحدث عن مخطط النقل الخاص بكل ولاية، غير أن الواقع يقول إن هناك ولايتين فقط طبقت بها هذه التعليمة، ويتعلق بالجلفة وبرج بوعريرج''· في جانب آخر من الإشكال الذي طرحه فينزة، فقد ألقى باللوم على الوزارة كونها لم تقدم لأصحاب الحافلات قروضا من أجل تجديد حظيرتهم، الأمر الذي فسر به بقاء حافلات قديمة شغالة وتنقل المسافرين عبر مختلف ربوع الوطن، والأكيد أن حياة المواطن تبقى في خطر مستمر في خضم المعطيات الحالية· حسن· ب محمد العزوني ل''الجزائر نيوز'': وزارة النقل لا تقوم بمهمتها على خلفية حوادث المرور التي تسببت فيها حافلات النقل على منوال ما حدث قبل أسابيع بالأغواط ومنذ يومين بالمدية، هل تعتقدون أن قِدم المركبات وراء هذه الظاهرة؟ قبل كل شيء، أريد الإشارة إلى نقطة وهي أن التسمية الحقيقية لحافلات نقل الأشخاص هي النقل المميت، طالما وأنها تسببت في وفاة مواطنين أبرياء· وعودة إلى الموضوع، فقد أشرت عدة مرات إلى امتحان رخصة سياقة الوزن الثقيل، وقلت إن السائق نمنح له الرخصة من أجل القيام بعمل يدوي ليس إلا، غير أن الأمر في اعتقادي يتعدى ذلك، إذ من الضروري أن نرى ما يوجد في رأس هذا السائق، وكان علينا أن نفحص مقياس ذكائه، لأنه سيتولى مهمة نقل 100 مسافر· وهذا الكلام يجبرني كذلك على القول بأنه يجب إعادة النظر في النقل الجماعي خاصة ما تعلق بالناحية السيكولوجية للسائقين، ومعرفة إن كان السائق عاقلا أم لا، لأن ما يوجد اليوم في الطرقات وما شاهدناه هو عبارة عن سباق بين السائقين· ما رأيكم في فكرة توقيف الحافلات التي تجاوز سنها 10 سنوات، هل هو حل مجدي للقضاء على مثل هذه الحوادث؟ دعني أقول إن وزارة النقل لا تقوم بمهمتها كما يجب، حيث قرأنا في اليومين الأخيرين بأن الحافلات التي تجاوز عمرها 10 سنوات سيتم توقيفها لأنها غير صالحة· ومنطقيا، أرى أن هذا الحل فيه الكثير من المغالطات لأننا إذا قلنا إن الحافلة غير صالحة معناها أننا لا نثق في المراقبة التقنية، والقانون يقول إن المراقبة تتم كل ستة أشهر، وإذا لم تخضع الحافلة للمراقبة معنى هذا أن السائق لم يطبق القانون· ماهي الحلول التي ترونها ناجعة لمكافحة هذه الآفة التي أودت بحياة الأبرياء؟ صراحة، أنا لست مع تحديد سن 25 سنة كشرط لقيادة الحافلات، لأن الاعتماد على السن البيولوجي يعني أننا أهملنا عامل العقل الذي لا يقدر بالسن، فقد تجد سائقا في العشرين من عمره أحسن من سائق تجاوز الأربعين، وعليه أرى بأن الإدارة لها مسؤولية كبيرة في هذه القضية· وإذا كانت الحلول موجودة، فإن القوانين التي وضعت لا تطبق حيث تبقى حبرا على ورق· حوار: