عندما يقول باحث متخصص، إنه لا أحد يمتلك تقديرا حقيقيا لقوة الإسلاميين السلفيين في الجزائر، إلى درجة أن الذهاب إلى الانتخاب أصبح كمثل المقامرة، حيث لا تفيد استبيانات الرأي في شيء، ويقول كاتب آخر إن الجزائر لا تمتلك أرشيفا بحثيا عن ''الظاهرة الإسلامية'' رغم أنها ارتبطت بأعقد المشكلات التي مرت بها البلاد في العشرين سنة الأخيرة، ويتحفظ سوسيولوجي متخصص في الظاهرة على استعمال مصطلح ''إسلامي'' و''إسلاموي'' الذي يقول بأنها مصطلحات إعلامية أكثر منها علمية، ويذهب للقول إن استعمالها يحيل إلى مشكلات علمية، كما يحيل إلى مشكلات دستورية وقانونية (من منطلق أن القوانين تمنع تأسيس أحزاب على أساس ديني أو عرقي) ومع ذلك لا يجد الباحث مصطلحا بديلا ويضطر استعمال تلك المصطلحات ''الإعلامية''، فمعنى ذلك أن الظاهرة لم تخرج من دائرة الإعلام، وأن السياسي والأكاديمي الذي يفترض أن يكون متخصصا يبقى أسيرا للإعلامي· إنها المشكلة التي أدت في السابق إلى أزمة دموية راح ضحيتها أكثر من 200 ألف جزائري، وفق إحصائيات شبه رسمية، وكلنا يتذكر التقدير الرسمي لقوة الجبهة الإسلامية للإنقاذ عشية الانتخابات التشريعية الملغاة بداية تسعينيات القرن الماضي التي فازت بأغلبيتها من الدور الأول، فعشية تلك الانتخابات صرح مسؤول كبير أن عملية سبر للآراء وصفها بالعلمية تؤكد أن ذلك التيار لن يفوز بأكثر من عشرة في المئة· إنه التقدير الخاطئ الذي أدى في النهاية إلى تلك المغامرة الكبرى، الذي يبدو أنه مستمر بأشكال مختلفة في هذا الزمن الجديد الذي تغيّرت فيه ملامح المنطقة بشكل جذري وصعد الإسلاميون إلى الحكم في دول الجوار، ومع ذلك لا أحد يعلم ما تخفيه الخارطة ''الإسلامية'' في بلادنا التي قد تسفر عن ميلاد ظاهرة جديدة تقلب كل الحسابات·