القاطع للطريق الوطني الرابط بين مدينتي قسنطينةوتبسة يلاحظ قوافل من الصهاريج المحملة بالوقود تتجه نحو قطب التهريب في الشرق وهي ولاية تبسة. والسؤال المطروح هو هل أن تلك القوافل مضبوطة قانونيا أم أنها تسير خارج مجال التغطية؟ فان كانت الإجابة على أنها قانونية فمعنى هذا أن نفطال تبسة تتحايل على الدولة وتساهم مع المهربين في تخريب الاقتصاد الوطني والعبث بمقدرات البلاد، أما إذا كانت الإجابة الثانية فمعنى ذلك أن مؤسسة نفطال تنام على أذنيها وان المهربين يكونون قد أسسوا شركة موازية ومنافسة لنفطال يديرها أشخاص لا يحملون من الشهادات عدا تلك المستخرجة من البلدية. منذ أسابيع مضت عقد المجلس الشعبي لذات الولاية اجتماعا طارئا، حيث شخص المشكلة وانتهى إلى نتيجة واحدة مفادها أن التهريب اخذ أبعادا خطيرة صارت تهدد فعلا حاضر الولاية وتضع مستقبل الساكنة في خطر لا يعلم مداه إلا الله. لان التهريب أصبح سلوكا ومبدأ لا يمكن التنازل عنه من طرف بارونات معروفة عند العام والخاص، وذلك في تحد واضح للقوانين، وحينما اتخذت مؤسسة نفطال بمعية مجموعة من الشركاء جملة من التدابير الصارمة استحسنها المواطن التبسي وذلك بتنظيم عملية توزيع الوقود عن طريق الحصص وتحت مراقبة أمنية مشددة حيث دامت العملية 3 أسابيع شعر من خلالها المواطنون بان السلطات المحلية قادرة على فرض القانون متى رغبت في ذلك، ولكن دار لقمان عادت إلى حالها بعد أن استجمع المهربون قواهم وأعادوا رسم استراتيجياتهم الجديدة وهذا بتواطؤ مفضوح مع أصحاب المحطات، الذين تضرروا من تطبيق لوائح مجلس الولاية حيث يقول العارفون بالشأن المحلي أن كل صاحب محطة يجني يوميا أكثر من 50 مليون سنتيم كفوائد إضافية لقاء تعامله الليلي مع المهربين والدليل أن كل أصحاب المحطات أصبحوا يمتلكون عقارات ضخمة وسيارات فخمة. بل أن الاستثمار في محطة بنزين بذات الولاية قد بات يدر على أصحابه أموالا لا يمكن للمرء تخيلها، حيث أن المحطة الواحدة بإمكانها توفير مبلغ 1 مليار و500 مليون سنتيم شهريا. أي أنها توفر 18 مليار سنتيم سنويا وهذا خارج رقابة الدولة ومصالح المراقبة والضرائب، وعلى هذا الأساس تشكلت بارونات للتوزيع وأخرى للتهريب، حيث تجني من الأرباح ما لا يمكن تصوره ولنتخيل واقع السلطات المحلية وموقفها من مواجهة مجموعات صارت تمتلك من الثروة ما يمكنها من الإفلات من القوانين وشراء الذمم والقضاء على كل من تسول له نفسه التعرض لها أو منع نشاطاتها. إن ما يحدث اليوم في ولاية تبسة الحدودية أمر خطير، والدليل على ذلك ما أقدم عليه المهربون مؤخرا في افتكاك احد اخطر العناصر من قبضة رجال الأمن وذلك بواسطة هجوم مسلح على المصلحة الاستشفائية لذات الولاية أين عاثوا في ذات المرفق فسادا، إضافة إلى الهجوم على إدارة الجمارك ببئر العاتر قبل سنتين وهناك العديد من الحوادث اليومية المسكوت عنها. وبالعودة قليلا إلى الماضي نجد أن التهريب قد مر بفترات وكان يتغير في الشكل والمضمون من سنة إلى أخرى. ففي فترة الثمانينات كان التهريب يعتمد على أفراد غير منظمين وغير ممنهجين حيث كانت المواد المهربة هي تلك المواد المدعمة من طرف الدولة كالحليب والسكر والقهوة ومادة الزبدة والزيت..... الخ حيث تركز التهريب على مؤسسة ENAPAL حيث كانت الولاية تتحصل على كميات من المواد الغذائية تفوق تلك الموزعة على مدينة الجزائر أو وهرانوقسنطينة، أما في فترة التسعينيات فقد شمل التهريب مجال الآلات الالكترونية كأجهزة الاستقبال التلفزيوني و أجهزة الكمبيوتر والأدوات المكتبية بصفة عامة، ومع حلول سنة 2000 اخذ التهريب يأخذ منحنى أكثر تنظيما، حيث توسع نشاطه بشكل صار العمل في خارج المجموعات يمثل مخاطرة كبرى لان اغلب المستثمرين قد وضعوا كل أموالهم في هاته المقامرة بدليل أن هناك من يمتلك أكثر من 150 سيارة رباعية الدفع تستغل كلها في مجال التهريب وهو العدد غير المتوفر لدى السلطات المحلية مجتمعة، وهنا يكمن مربط الفرس، حيث انتقل التهريب ليشمل المواد البترولية من وقود وعجلات مطاطية، فكانت الوجهة شركة وطنية كبرى وهي شركة نفطال وحينما نقول نفطال نقول شركة سونطراك. والمهم في هذا ليس معرفة المواد المهربة ولا قيمتها لأنها معروفة ولكن الأمر غير المعروف هو الآثار الجانبية لهاته العملية، فمن ناحية نجد أن المهربين قد أصبحوا يمتلكون من القوة والمال ما يمكنهم بالفعل من الدوس على القوانين جهارا نهارا، حيث أصبحت الولاية منطقة فوضى لا مكان فيها للقانون. ومن ناحية أخرى فان المواطن العادي أصبح لا يثق في مسؤوليه لأنه يراهم في موقع الضعيف المتخاذل الذي لا حول له ولا قوة، بفعل سطوة سلطة المال والإمكانيات. أما الناحية الثالثة فهي تجذر مهنة التهريب في عقول كل الشباب لأنها تمثل النجاح والمستقبل وهو ما سيلقي بظلاله على قطاع التعليم الذي أصبح لا يمثل شيئا في نظر الكل لان عمل مهرب ليوم واحد يمثل اجر شهر لدكتور دراسات ما بعد التدرج والاهم من ذلك كله هو تأثر كل القطاعات الإنمائية بفعل ندرة الوقود فالمشاريع السكنية تعاني وكل برامج الولاية متأخرة عن موعدها. وعليه فان الوافد الجديد للولاية وهو المسؤول الأول مطالب بالتدخل العاجل وإعادة الأمور إلى مجراها الطبيعي لأنه يمتلك من السلطة ما يمكنه من إعادة الأمور إلى مسارها الطبيعي وهو بذلك سيحقق ثلاثة أهداف نبيلة وهي : 1- حل المشاكل اليومية للمواطنين وهي تركة ثقيلة خلفها الوالي السابق الذي كان يعاني من مشاكل صحية. 2- الاستفادة من البرنامج الخماسي الذي أعلنه رئيس الجمهورية، وذلك بترشيد النفقات ومراقبة المشاريع واستكمال المعطل منها وإعطاء الولاية وجها جديدا لان البرنامج الخماسي الحالي قد لا يعاد مرة أخرى بنفس القوة والحدة وهو بذلك سيكون عين الرئيس في الولاية ويده النظيفة في تطبيق طموحاته الهادفة إلى تطوير الدولة وعصرنة قطاعاتها. 3- دخول الوالي الجديد التاريخ من بابه الواسع إن استطاع فعلا النهوض بالولاية في عهدة وثقة جديدتين قد لا تتكرر مرة أخرى. عزيري عبد الرؤوف تهريب الوقود في تبسة الأذن للمواطن ، والفريسة للعلوج لم تتوقف قوافل مهربي الوقود في ولاية التبسة الحدودية ، رغم كل الضجة التي أثيرت حول السر الكامن وراء صمت الجهات المحلية بالولاية، فطوابير سيارات المواطنين ما تزال مستمرة أمام محطات التزود بالوقود، يزاحمها عربات المهربين أمام صمت لا يمكن تفسيره سوى بالتواطؤ، في تهريب الوقود المدعم من طرف الدولة. مع الأسف الشديد ورغم ما أثير من لغط إعلامي وتلويح بعصا القانون التي لا تضرب في واقع الحال سوى الريح، فإن تهريب الوقود في ولاية تبسة الحدودية ما يزال يستنزف الاقتصاد الوطني ، ويعطل مصالح مواطني الولاية رغم أن مصالح نفطال بالمنطقة ضاعفت توزيع الوقود على محطات البنزين، إلا أن اللافت أنه بدلا من محاربة المهربين والضرب بيد من حديد ، فإن مؤسسة نفطال راحت تضاعف التوزيع كأنها تبحث عن نصيب المهربين من خلال مضاعفة توزيعها وهو ما رفع نسبة التهريب وجعله المهنة الأكثر ربحا في المنطقة، بعدما غابت الكثير من مشاريع التنمية في المنطقة وصارت مرتعا لتهريب الوقود، وصار الكثير من المسؤولين في جيب بارونات النهربين، والغريب في حكاية تبسة التي لا يذكر اسمها إلا وصاحبه " مصطلح التهريب " وكأنه صار أمرا مقضيا مفروض على الجميع و قضاء وقدر وجب التسليم به، لدرجة أن مؤسسة نفطال دخلت في حكاية الأمر الواقع إذ كيف يعقل لمؤسسة وطنية بدلا من أن تجد حلا للحد من ظاهرة التهريب راحت تضاعف التوزيع عبر محطات التزود بالوقود المختلفة بالولاية، حتى صارت طوابير سيارات المواطنين تنتظر بالساعات في أوقات النهار بينما التزود بالوقود ليلا يكون من نصيب بارونات التهريب وأحيانا ينافسون حتى المواطن العادي في طابور انتظاره للحصول على وقود لسيارته من أجل قضاء مصالحه في ساعات النهار، ورغم ما أثير حول مشكلة تهريب الوقود في تبسة ما تزال الظاهرة تطرح أكثر من علامة استفهام حول علاقة مؤسسة نفطال بالولاية ببارونات التهريب وعلاقات السلطات المحلية بهذه القضية، لا سيما وأن الظاهرة في تزايد مقلق في تحد واضح لسلطان القانون، و لن نكون مبالغين إن قلنا أنه صار لزاما على السلطات العليا في البلاد فتح ملف التهريب بولاية تبسة وكشف المتواطئين مع بارونات التهريب، مادام أن كل التدابير التي اتخذت لم يعد لها اعتبار سواء من طرف بعض الجهات الرسمية بالولاية المتواطئة وبارونات التهريب الذين صارت لهم حماية خاصة، فرغم ما أثير حول القضية والتي أسالت الكثير من الحبر والكثير من الوعود المصحوبة بالتهديد والوعيد ضد المهربين ومن يقوم بحمايتهم، فإن الواقع أثبت أن يد البارونات صارت أطول من مؤسسات نفطال ومن المؤسسات المحلية بالولاية، والسؤال الذي يبقى مطروحا هو من يحمي الإقتصاد الوطني في ولاية تبسة أم تراه الصمت علامة الرضا ..؟ والأكيد أن الجواب ليس لدى الموطن التبسي العادي الذي لم يعد يعرف من يحميه ويحمي اقتصاده، ويجعله يدخل محطة الوقود مثله مثل باقي المواطنين في كل الولايات دون أن يزاحمه بارونات التهريب ودون طوابير لها أولها مهرب وقود وأخرها مهرب آخر. ليلى نوران