هل سيبقى الإسلاميون الشرعيون القوة التي سيظل يحسب لها ألف حساب بعد أن قرروا دخول المعترك الإنتخابي تحت أكثر من رداء حزبي؟! إلى وقت قريب ظل المراقبون ينظرون بعين الجد إلى حركة حمس، حتى بعد أن رحل نحناح وخلفه أبو جرة سلطاني الذي أراد أن يبدو على الصعيد السياسي أكثر حنكة من شيخه الراحل، لكن ابن تبسة عجز عن تجاوز الشيخ ووجد نفسه يرث سلوكات النظام بشكل مضطر وظاهر وهذا بالرغم من أنه سعى في مرات ليظهر بمظهر الوفي للخط الأصيل لحركة الشيخ نحناح·· ومع مجيء بوتفليقة لم يتمكن أبو جرة سلطاني من أن يرسم الحد الفاصل بين إرث حركة حمس وإرث النظام، وتجلى ذلك في النهج الذي انتهجه على طول الطريق التي جمعته بالسلطة من خلال الإئتلاف الحكومي، ومن خلال خط المشاركة الذي تحول إلى عقيدة عند سلطاني، ولقد تسببت هذه العقيدة السياسية في تجريد حمس سلطاني من جزء من هويتها الفكرية والثقافية، بحيث كادت أن تصبح المرادف ''الإسلامي'' للسلطة، كما تسببت في إضاعة حمس لخريطة طريق خطابها السياسي، ولم تعد تدري، إن كان عليها أن تتصرف كشريك للسلطة، أو كمعارض، وهذا ما قادها بالفعل إلى طريق مسدود، بحيث تمثل هذا الإنسداد في ارتكان عدد مهم من ناشطيها من ذوي التأثير والنفوذ إلى الصمت، وإلى انسحاب عدد آخر من الحركة وإلى حيرة أعداد كبيرة التي اختلط عليها الأمر·· وما تشكل جبهة التغيير إلا نتيجة ذلك التململ داخل حمس والذي بدأ منذ مدة طويلة·· من هنا نتساءل هل ستكون حمس رقما حقيقيا في المعترك الإنتخابي القادم أم سينكشف ترهلها وتراجعها لحساب أخواتها المنافسات؟! يكاد المراقبون يجمعون أن المنافس الأكبر لحمس سيكون تنظيم جاب الله وإلى حد ما، جبهة التغيير·· قد يكون ذلك صحيحا·· لكن إذا ما حاولنا قراءة المشهد الحزبي الإسلامي الجديد بشكل دقيق سيظهر لنا ما يلي: 1 إن عبد الله جاب الله في حالة تقدمه في التشريعيات القادمة سيكون مستفيدا بشكل مؤقت من ورقة الإنتخاب العقابي ضد حمس التي قد تتحول إلى حالة جبهة التحرير في بداية التسعينيات عندما أدلى عدد كبير من الجزائريات والجزائريين بأصواتهم لجبهة الإنقاذ·· 2 بالإضافة إلى ورقة الإنتخاب العقابي، فإن جاب الله قد يكون محظوظا من نمط التصويت الجهوي بشكل أساسي·· أي أن حظوظه قد تكون في منطقة الشرق الجزائري بالمقارنة إلى حظوظه في مناطق البلاد الأخرى·· 3 إن جاب الله قد يخلق مشاكل لحمس في مناطق عدة، لكن قد يواجه مفاجأة لم يضعها في الحسبان، وهي تتمثل في جبهة التغيير التي قد تكون منافسه الرئيسي··