تصوّروا لحظة واحدة فقط·· أن أبو جرة سلطاني سابقا، الذي أصبح وتحوّل إلى الزعيم الحزبي والوزير بوفرة كان مجرد درويش، يجيد الرقية· ثم تصوّروا، أن رجلا لا حول له ولا قوة، له طفل وطفلة وزوجة، وليس له حظ العيش الشيء المقبول·· ثم تصوّروا أن ابنة هذا الرجل الذي لا حول له ولا قوة، تصاب بمرض نفسي عصيب، ثم تصوّروا حال الوالد المسكين، يعني الرجل الذي لا حول له ولا قوة يصل به اليأس من علاج ابنته·· ثم تصوّروا أن أحد جيرانه ينصحه بشيخ يمتهن الرقية، وهذا الشيخ كثّ اللحية، جهوري الصوت وأسمر السحنة، يدعى الشيخ أبو جرة سلطاني·· ثم تصوّروا، أن هذه البنت تجد نفسها بين يدي الشيخ أبوجرة سلطاني·· ثم تصوّروا أن هذا الشيخ يصل إلى اعتقاد، إلى يقين لا يرقى إليه الشك، وأن هذه البنت يسكنها جني خبيث، جني مشاكس، لا يريد الخروج من جسدها·· ثم تصوّروا أن الشيخ أبوجرة سلطاني يجن جنونه وهو ينظر إلى البنت بين يديه·· فيخاطب الجن، لكن الجن لا يريد مغادرة الجسد، ثم يهدده لكن الجن لا يريد مغاردة الجسد، ثم يقسم المغلظة لكن الجن لا يريد مغادرة الجسد·· وعندئذ ينقض الشيخ أبوجرة سلطاني بالضرب المبرح على الجسد·· لكن الجن يرفض مغادرة الجسد، وعندئذ يفقد الشيخ أبوجرة سلطاني أعصابه، ولا يتوقف على ضرب الجسد إلا عندما تغادر البنت المسكونة الدار الدنيا·· ثم يفتح أبوجرة سلطاني وينظر حوله، ماذا حدث؟! كارثة، أليس كذلك·· لكن أبوجرة سلطاني يغمض عينيه ليفتحهما من جديد، فيجد نفسه في قصر من قصور الحكومة·· ثم يموت محفوظ النحناح فيجد نفسه في قصر من قصور المسؤولية·· وغدا، من ذاك الذي يكذبني إن قلت لكم سنجده في قصر الحكومة؟!!