لم أعد أفهم سياسة الدول التي تحسب نفسها على ميزان القوة والجبروت مثل أمريكا وفرنسا وغيرها، التي تحصن بالصواريخ والنووي وغيرها من الفواجع التي توجهها إلى صدور العرب من عزل وأطفال· قال حماري ناهقا: أين المشكلة في كل هذا، هذه هي السياسة المعتمدة منذ زمن ولا يمكن أن تتغير أبدا؟ قلت محتجا: أمريكا القوية اعتقلت بن لادن وقتلته ورمته في البحر حتى لا نراه ولا نفهم ماذا حصل، الناتو اعتقل القذافي حيا وسلمه للمجانين الذين أردوه قتيلا، مات الرجل ومات سره معه دون أن يمنحوه الفرصة للدفاع عن نفسه أمام محاكمة عادلة، فرنسا الديمقراطية صاحبة الأخلاق الرفيعة تحاصر شابا في بيته وبعد زمن تعجز أو توحي لنا بالعجز عن الوصول إليه حيا، فتقتله برصاصة في الرأس حتى تضمن أنه مات و لن يقول الأسباب التي جعلت منه مجرما في دولة اسمها فرنسا· نهق حماري نهيقا مخيفا وقال: كل من تتكلم عنهم من العرب والغرب لا يعرف لغة معنا سوى لغة السلاح مهما لبس من عباءات الأخلاق والديمقراطية وغيرها من الأقنعة ولكنه يبقى دمويا أكثر من دموية العرب· هذا الشاب المقتول، الذي ألبسوه كل التهم الممكنة وغير الممكنة قبل قتله، يؤكد لنا ضعف فرنسا وهشاشتها لأنها غير قادرة على خلق مجتمع متكامل على الرغم من كل الصور الملمعة التي تسوقها لنا، إلا أن ما يحصل من حين لآخر يثبت أنها مشوشة ليست قادرة على بناء قاعدة اجتماعية تمحى فيها العنصرية والإجرام· قلت: إذا كانت بهذا الضعف، لماذا تحشر نفسها في بلدان الناس وتدمرهم بالصواريخ والسلاح؟ نهق من جديد وهو يقول: تبحث عن غزو حتى تحقق أطماعها وتغامر حتى تبرز قوتها المفقودة· قلت: وهل هي في حاجة إلى هذه المناورات يا حماري؟ قال: القوة تصنع وكل أشكالها حتى الأكثر استبدادا ترتكز على الفكر، ولا يمكن أن يدخل العبط أو الاستهتار في صنع ذلك· قلت: ولكن يقولون أن القوة من دون إساءة استعمالها تفقد سحرها وبريقها، ربما لذلك تقوم فرنسا باستعراضات من حين لأخر حتى تخيفنا؟ قال: القوة ليست أن تضرب بقوة أكثر ولكن أن تصيب الهدف، وهذا هو ما تفعله فرنسا تماما·