ما تزال الطبيعة تفضح السلطة عندنا وكل يوم تثبت لها بأنها عاجزة حتى عن توفير قارورة غاز للقرى والمداشر التي ينساها المسؤولون ولا يتذكرونها أبدا·· نهق حماري مقاطعا، لا·· يتذكرونهم فقط حينما يريدون الكذب عليهم·· قلت متأسفا، آه يا حماري وكأن القدر يريد أن يعري وينزع ورقة التوت الأخيرة التي تغطي عورة السلطة، فجاءت العواصف لتتحدى وتؤكد أن كل ما قيل وسيقال كذب ولا شيء سوى الكذب· قال، قد يظن السامع أننا حصرنا مشاكل الجزائر كلها في قارورة غاز ولكن هذه مجرد نقطة في بحر، كيف يعقل أنه وبعد خمسين سنة من الاستقلال هناك بعض من الشعب لم يذق بعد طعم الاستقلال؟ قلت، شيء مؤسف يا حماري ورغم ذلك لم يتحدث أحد عن الأمر، وكل الخطابات التي جاءت في هذا الوقت تدور فقط حول المصالح العليا للدولة· نهق حماري نهيقا مستفزا وقال، وهل مصالح الدول العليا تتناقض مع مصالح الشعب السفلى؟ قلت ساخرا، الناس تتكلم في السياسة والانتخابات وأنت تتكلم عن البرد وغاظ البوتان؟ قال متنحنحا، كل ما يحدث جاء نتيجة للتسيب الذي تسير به الدولة ومصالحها العليا، لم يحاسب يوما أحد على تقصيره وتهاونه في موت شخص من الجوع أو الفقر أو العوز ولم يحاسب أي مسؤول عن عبطه وسذاجته في إدارة الأزمة· قلت، من يحاسب من أيها الحمار، المسألة أعمق من سياسة البريكولاج التي تعالج بها كل القضايا، لقد تعدت ذلك لشيء أكبر اسمه الفساد· قال بحزن، منذ مدة والجميع يصرخ لا للفساد، لا للفساد ولكن يبدو أن لا أحد يسمع ولا أحد يمكنه فعل شيء·· قاطعته ضاحكا، وحتى السلطة حينما تحركت لم تفعل سوى أنها أضافت مقاعد جديدة للبرلمان وقالت لنا، هل أنتم سعداء؟ نهق نهيقا مخيفا وقال، السعادة أصبحت مثل الحلم البعيد المنال ولا يمكن أن نحصل عليها حتى تتغير العقليات ويصبح كل الجزائريين في نفس درجة المواطنة وليس هناك فروق بين مواطن أول ومواطن أخير·