تسود الجزائر حالة من الترقب والسوسبانس باقتراب موعد انتخاب رئيس فرنسا الجديد· وإذا كانت استطلاعات الرأي وسبر الآراء لا تزال تشير إلى تقدم الاشتراكي فرانسوا هولاند، الذي يأمل الجزائريون أو لنقُل جزء كبير منهم في فوزه إلا أن هذا الأمل لا ينبغي أن يكون نقطة ارتكاز وحيدة لجعل العلاقة على محور باريس والجزائر مثالية· لقد سبق وقال فرانسوا هولاند، إن شعار حملته االتغيير الآنب لا يعني تغيير جذري لكل القواعد في السياسة الفرنسية، ويكفي هذا لكي تبقى النسبية سيدة الموقف في كافة ملفات السياسة الخارجية الفرنسية مع الجزائر· إن النظر إلى أمل بعض الجزائريين كما هو في رحيل ساركوزي اليميني وقدوم هولاند الاشتراكي إلى قصر الإيليزي، يوحي وكأن هولاند سيضع بقدومه الجزائر والجزائريين فوق مصلحة فرنسا والفرنسيين· وليس غريبا أن لا تستفيد الجزائر من أية أفضلية أو حتى مجرد هدوء في العلاقات مع فرنسا حتى بقدوم هولاند إلى الحكم في باريس، ذلك أن اليمينيين إذا لم يكونوا في الرئاسة فهذا لا يعني أنهم ليسوا في الحكم، فتركيبة القرار السياسي في فرنسا لا يمكن أن يكون ضد مصلحة الرأي العام الفرنسي، خاصة وأن السياسة الخارجية عكس سنوات خلت شكلت القلب النابض للحملة الانتخابية للرئاسيات الجارية في فرنسا، بعد تصاعد التيار الإسلامي وانتشار ظواهره في المجتمع الفرنسي، وأدى النقاش حول اتحولب الهوية الفرنسية إلى جعل علاقات فرنسا مع الدول المصدرة للمهاجرين وعلى رأسها الجزائر ودول مغاربية أخرى، وقودا للحملة أيضا· صحيح أن هولاند يدعو لإعادة بناء محور باريس الجزائر وتجاوز عقدة التاريخ بصداقة متينة غير مقيدة في وثيقة بل صداقة مكرسة بين شعبين· وصحيح أيضا أن الاشتراكيين لا يميلون إلى التطرف االساركوزيب أو االمارينيب في معالجة ملف الهجرة مثلا، لكن حماية الهوية الفرنسية ينبغي أن يمر على اتضييق ولو ليّنب على المهاجرين، وإذا كان من المحتمل أن تنتهي مع ساركوزي صور المداهمات والتضييق في اندماج المهاجرين ضمن سوق العمل والمجتمع الفرنسي ككل، فإنها لن تزول نهائيا مع هولاند، الذي في حال فوزه سيتعامل مع واقع ربيع عربي مع دول عربية سيدعم من خلالها حق الشعوب في العيش ديمقراطيا· في ملف الصحراء الغربية يتذكر المغاربة القلق المزمن الذي عايشوه في عهد الزيارات المتكررة لدانيال ميتيران حرم الرئيس فرانسوا ميتران لمخيمات البوليساريو، إلا أنه وإلى حد الآن لم يظهر جيدا موقف هولاند تجاه الملف الذي جعل منه ساركوزي ورقة ضغط حقيقية على الجزائر بدفع الكفة إلى الميل تجاه الجانب المغربي المخالف للشرعية الدولية· وليس من المستبعد أن يرفع الاشتراكيون قليلا من التضييق على حريات المهاجرين ورفع ضئيل في نسبة منح التأشيرات وإرساء شيء من السلاسة في حرية تنقل الأشخاص، لإطفاء جذوة الارتباك الواقع في الجزائر بسبب سياسات ساركوزي تجاه المهاجرين والصحراويين، لذلك لا ينبغي أن نفرح كثيرا إلا إذا رأينا رأي العين الاختلاف الهام بين اساركوب وبهوب في رعاية مشتركة للمصالح الفرنسية والجزائرية·