تنطلق اليوم الانتخابات الرئاسية الفرنسية في جولتها الأولى، ولاشك أن ما يحدث في الضفة الأخرى له أهميته هنا في الجزائر، ليس فقط بسبب الماضي التاريخي الاستعماري الذي مازال جرحا مفتوحا، بل للترابط الاقتصادي بين البلدين من جهة، وللتأثيرات الآتية من باريس على اتجاهات رياح السياسة بالجزائر. ولهذا السبب كانت ثورة التحرير الجزائرية في قلب الحملة الانتخابية طوال الأسابيع الفارطة، كما أن الجالية الجزائرية الفرنسية كانت مستهدفة خلال الحملة من خلال قضية ”محمد مراح” التي يبدو أن المخابرات الفرنسية هي من صنعتها وأخرجتها إخراجا جيدا لتميل كفة الخيارات في صالح الرئيس المرشح نيكولا ساركوزي، والذي كانت حصيلته في العهدة الأولى سلبية فعمد إلى حيلة خلق شبح وأعداء وهميين لتخويف الناخب الفرنسي ويختار الحل الأمني الذي يلعب ساركوزي على حبله. صحيح أن العلاقات الجزائرية الفرنسية بلغت درجة من السوء في عهد ساركوزي، وشهد على ذلك السفير الفرنسي بالجزائر نفسه، الذي دفع ثمن تصريحه هذا بإنهاء مهامه كسفير بالجزائر، لكن هل يضمن أحد أن تكون العلاقة أحسن إذا ما فاز مرشح اليسار فرانسوا هولاند، لأن تاريخ العلاقات بين بلدينا يشهد بأنها لم تكن أبدا جيدة في عهد الاشتراكيين، وفرانسوا ميتيران لم يكن صديقا للجزائر طوال فترته الرئاسية رغم التقارب الذي حصل بينه وبين الرئيس الشاذلي، الذي كان يردد في كل مرة أن ميتيران صديقه، فقد كانت فرنسا وراء كل المقاطعة الدولية التي ووجهت بها الجزائر إثر وقف المسار الانتخابي، لأن ميتيران أراد ذلك، فأثر موقفه على كل الدول الأوربية، بل على كل العالم. ربما نجد خطاب هولاند أكثر اعتدالا وأكثر إنسانية وأكثر تفهما لوضعية المهاجرين المغاربة والجزائريين تحديدا، مقارنة بساركوزي الذي تبنى خطاب اليمين المتطرف والإسرائيليين، مستغلا قضية مراح، لكن عندما يتعلق الأمر بالجزائر وبالمصالح الفرنسية في الجزائر، تصبح المسافة الفاصلة بين مواقف اليمين واليسار ضيقة جدا، بل منعدمة تقريبا. لا أدري في كفة من ستصب المواقف الرسمية الجزائرية، وهل ستكون إلى جانب ساركوزي مثلما كان ذلك في رئاسيات 2007، لكن الأكيد أن ساركوزي سيكون أسوأ خيار تراهن عليه الجزائر هذه المرة.