حدثان دمويان شهدتهما المنطقة لابد من ربطهما مع بعضهما البعض لتتضح الصورة الأكبر، والأهم، لسير الأحداث في منطقتنا، سواء في اليمن، أو سوريا، أو لبنان، وربما الخليج لاحقا، لكن المهم الآن، هو ربط ما حدث في اليمن أمس، بما يحدث في لبنان، وبالتالي ما يحدث في سوريا، وقد يقول قائل: كيف؟ لا بد أولا، من التمعن جيدا في العملية الإرهابية الدموية التي قام بها تنظيم القاعدة في اليمن، لاستهداف الجيش هناك، حيث أقدم انتحاري محسوب على ''القاعدة'' بتفجير نفسه وسط حشد كبير من العسكريين اليمنيين، ومن تلك العملية يتضح أسلوب ''القاعدة'' الدموي، والوحشي، والهادف لإيقاع أكبر عدد من القتلى، كعادة التنظيم في كل عملياته الإرهابية، فما حدث في اليمن، يشبه تماما جرائم ''القاعدة'' في العراق، من ناحية العنف والدموية، والرغبة في إسقاط أكبر عدد من القتلى، وهو أسلوب مشابه لعمليات ''القاعدة'' سواء في أفغانستان، أو في السعودية، من قبل حين استهدفت مجمع المحيا، أو مجمع وزارة الداخلية، وهكذا. بينما نلاحظ أن كل العمليات المنسوبة إلى ''القاعدة'' في سوريا، كانت تستهدف مباني أمنية جل من هم في داخلها من المعتقلين السوريين المتعاطفين مع الثورة، وغالبا ما يكون أكثر الضحايا منهم، وليس من الأمن المحسوب على نظام الطاغية الأسد، مع ملاحظة أمر آخر مهم وهو التوقيت، بالنسبة للعمليات التفجيرية في سوريا، فمن خلال هذه المقارنة البسيطة، والمهمة، يظهر أن ''القاعدة'' الموجودة في اليمن، مثلا، أو العراق، مختلفة تماما عن ''القاعدة'' التي يدعي نظام الأسد وجودها في سوريا، فما هو موجود في سوريا، يشبه كثيرا ''أبو عدس''، وهو أسلوب النظام الأسدي، بينما الموجود في اليمن والعراق وأفغانستان هو ''القاعدة'' الحقيقية ذات البعد الدموي المقيت. ولذا، فإن ما شهدناه في سوريا، هو قاعدة الأسد، وليس ''القاعدة'' الدموية المقيتة، وقاعدة الأسد تقوم على حياكة المؤامرات، واستخدام أوراق لإشعال الملفات، وليس التدمير من أجل التدمير، وبث الرعب كما يفعل تنظيم القاعدة، فما يحدث في لبنان اليوم، بكل بساطة هو أن نظام الأسد قرر أن يشعل الحريق هناك على أمل رفع الضغط عنه في سوريا، ومن أجل أن يأتي المجتمع الدولي لمفاوضته لإعادة الهدوء إلى لبنان، وهذا بالطبع مؤشر على إفلاس النظام الأسدي، وأبسط مؤشر على إفلاس النظام هو أن الصراعات في لبنان، لم يدخل فيها أي من حزب الله، أو حركة أمل، وإنما بضعة محسوبين على النظام الأسدي، وليس لهم قيمة، وهذا هو أسلوب قاعدة الأسد بكل امتياز، أي تعقيد الأمور لتملك أوراق الحل، فعلها الأسد مرارا في لبنان ونجحت، لكن اليوم، الوضع مختلف، حيث فشل في سوريا، وهاهو يعود لتكرارها في لبنان، وقد تفشل أيضا. ورغم كل ذلك، فإن الخطورة اليوم، تكمن في أنه كلما طال بقاء الأسد فقد يسعى لاستخدام قاعدته في الخليج، أو مكان آخر، فالواضح أن نظام الطاغية يريد - كما قال مرارا - إحراق المنطقة ليبقى في الحكم، ومن هنا فإن قاعدة الأسد لا تقل خطورة عن تنظيم القاعدة الذي نراه باليمن، والفرق أن التنظيم الإرهابي واضح، بينما قاعدة الأسد متحايلة، ومتذاكية، وبسلطة نظام دمشق بالقوة!