تشعب الحديث مع الشاعر والمترجم محمد بوطغان، ظهيرة أول أمس، بفضاء صدى الأقلام، بين ترجمة نص عالمي إنطلاقا من لغة وسيطة بدل الأصلية، وبين متاعبه كمترجم جزائري لا يحظى بحقوقه كاملة لدى دور النشر. حاولت الشاعر ومديرة اللقاء الأسبوعي لميس سعدي، تسليط الضوء على اختيار محمد بوطغان، لنص كلاسيكي سويدي حاز على جائزة نوبل للآداب سنة .1951 رواية ''أقنعة الروح'' لبار لاجيركفيست، نص مثقل بالوصف تيسرت أحداثه على خط واحد، ما يجعل أسلوبه مميز، وربما صعب نقله إلى لغة أخرى. بوطغان، أكد بداية أنه وجد النص ''مستفزا'' وأنه بعد أن ''تملكه'' الموضوع، ''حاولت أن أنقله بصدق بإشراك القارئ بهجته''، معترفا أنه عندما شرع في الترجمة لم يكن ينوي نشره، بحكم واقع النشر في البلاد، ما يجعل صدور الرواية في طبعتين متتاليتين مفاجأة سارة لهذا الشاعر. الأولى طبعة مشتركة بين المكتبة الوطنية وجمعية الاختلاف، والثانية لدى دار فسيرا. إلا أن بوطغان، لم يترجم النص من لغته الأصلية، أي السويدية، وإنما اشتغل على ترجمة ريجي بواييه باللغة الفرنسية، يقول في هذا الشأن: ''أنا لا أتقن لغة غير الفرنسية، لهذا قرأت ترجمة بواييه الذي أقر في مقدمة ترجمته بصعوبة نقل نص لاجيركفيست إلى الفرنسية.. وأرى أن المترجم الفرنسي نجح في نقل طقوس وروح الرواية بأمانة فاتنة''، وعن نفسه أردف قائلا: ''يمكنني القول مدعيا أني استطعت نقل الرواية إلى اللغة العربية''. وقد استعان المتحدث في ''نجاحه'' بمؤهلاته كشاعر اشتغل من قبل على نصوص جون سيناك، فنال اعتراف الكتابة القلم والحرف، بسلامة لغته وجماليتها أيضا. كما يرى المتحدث أن أي مترجم هو يكتب نصا ثانيا: نحن نكتب نصا آخرا ولا نعيد كتابة النص الأصلي.. فالترجمة الحرفية في كثير من الأحيان أدت بالنص الأصلي إلى الموت، فلا تجد فيه نبضا.. لهذا أنا لا أترجم بطريقة آلية.. لهذا أقول إن ''أقنعة الروح'' هي رواية الروح بامتياز. فأسلوب الروائي السويدي، يوضح بوطغان: ''أنه استعار أسلوبا خاصا في التنقل من حالة إلى أخرى، دون الحاجة إلى الأساليب التقليدية في الكتابة.. في النص إنسانية وتواتر شعري عاليين''. يحصي بوطغان، في رصيده الفاعل عملين منشورين ''شموس يحي الوهراني'' لجون سيناك و''أقنعة الروح''، رغم قدرته اللغوية، هو مقل في الإنتاج: ''أعترف أني كسول في هذا المجال، إلا أني أهاب الطريقة التي تتعامل بها دور النشر معي كمترجم، علما أني لم أستفد من حقوقي من الترجمة الأولى إلى اليوم ولم أتلق سنتيما واحدا من المكتبة الوطنية أو الاختلاف''، وهو الواقع الذي يجعل بوطغان يتردد في إصدار مجموعة أعمال بحوزته، حيث ترجم نصا مسرحيا إفريقيا، وآخرا ''كما الرواية'' لدانيال بيناك، نصوص إفريقية مختارة لأشهر مؤلفي القارة السمراء، نصوص مختار للكاتبة الشيلية سيباستيانا، إضافة إلى ''عطر الخطيئة'' لأمين الزاوي.