''قتل واغتصاب وتجنيد للقصر، والمتهم مجموعات مسلحة''، هذا هو ملخص التقرير الأسود الذي نشرته الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان نهاية الأسبوع الماضي، عن الوضع شمال مالي خلال الستة أشهر الماضية. التقرير أشار إلى ضرورة التحرك العاجل للمحكمة الجنائية الدولية، من أجل التحقيق في ما وصفه ''جرائم نفذت منذ سيطرة الحركة الوطنية لتحرير أزواد، على المدن ومناطق تمبكتو وغاو''، مشيرا إلى ''تجنيد أطفال قاصرين في جماعة أنصار الدين، والحركة الوطنية لتحرير أزواد''. كما دعا المجتمع الدولي إلى ''تكثيف تحركاته من أجل إعادة الشرعية إلى باماكو، وتسريع العملية السياسية الانتقالية''. أمريكا قلقة وفرنسا تلمح إلى تدخل عسكري أعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، أن ''استخدام القوة في مالي مرجح في وقت ما'' بدعوى أن فرنسا هي ''العدو الرئيسي للقاعدة''، على حد تعبيره، مشيرا إلى ''ضرورة إحلال الشرعية الدستورية بمالي، وهذا بتطبيق قرار مجلس الأمن القاضي بإنشاء حكومة وحدة وطنية''. أما في واشنطن، فقد أبدى البيت الأبيض، أول أمس، قلقه العميق حيال الوضع في المنطقة، داعيا ''كل الأطراف إلى دعم تشكيل حكومة مدنية في مالي في أسرع وقت ممكن''، الأمر الذي تدعمه الولاياتالمتحدة. مئات الآلاف من النازحين قرر الرئيس الأمريكي باراك أوباما، صرف عشرة ملايين دولار لمساعدة اللاجئين والنازحين، الذين يتزايد عددهم بسبب أعمال العنف، حيث سيتم صرف هذه المساعدة لمفوضية الأممالمتحدة لشؤون اللاجئين، في حين لم يصدر أي رقم رسمي لحجم المساعدات المتطلبة من أجل تغطية حاجيات حوالي 400 ألف نازح، بينهم 230 ألف نزحوا إلى الجزائر، بوركينافاسو، موريتانيا والنيجر، في حين نزح 155 ألف داخل مالي. والأمر يسوء أكثر في المناطق التي علق فيها المدنيون، حيث أشار المتحدث باسم مجلس الأمن القومي إلى ''وقوع هجمات ضد المدنيين في شمال مالي وكذلك تدمير ونهب مواقع دينية وتاريخية وثقافية في تمبكتو''، وهو الأمر الذي أدانه بشدة، ودعا على ضوئه القوات المتمردة في شمال مالي إلى وقف كل علاقاتها مع ما وصفها ب ''المجموعات الإرهابية''، والبدء بمفاوضات سياسية وتسهيل وصول المساعدات إلى المتضررين''. الفريق قايد صالح يدعو لحل عاجل أكد الفريق قايد صالح، رئيس أركان الجيش الشعبي الوطني، على ''خطورة الأزمة التي تمر بها مالي، ونتج عنها تداعيات على الحالة الأمنية بسائر المنطقة''، على حد تعبيره، وقال الفريق خلال الاجتماع الدوري لمجلس رؤساء أركان البلدان الأعضاء في لجنة الأركان العملياتية المشتركة المنتهية أشغاله، أول أمس، ''إن خطورة الوضع تتطلب إيجاد حل عاجل، حتى يتسنى لأشقائنا الماليين استرجاع الاستقرار السياسي''. هذا، وأكد الفايد صالح على ضرورة احترام السيادة والوحدة الترابية لمالي، مذكرا في هذا الشأن بأهم القرارات المتخذة على مستوى السلطات السياسية لبلدان المنطقة وداخل المنظمات الإقليمية والقارية، ومنظمة الأممالمتحدة نفسها التي نقل على لسانها ''الإجماع على انتهاج حل سياسي في ظل الاحترام التام للوحدة الترابية لهذا البلد الجار والصديق، مع التأكيد على العودة إلى الشرعية الدستورية التي تمثل الإطار الطبيعي لمعالجة مسألة الفراغ المؤسساتي''، مؤكدا على ''أن الجيش الوطني الشعبي الجزائري بصفته مؤسسة جمهورية للدولة الجزائرية، يندرج تماما ضمن مسار المواقف الثابتة والصريحة المتخذة في أعلى مستوى للسلطة السياسية، ويعتبر أن حل الأزمة المالية لا يكون إلا سياسيا بقرار من الماليين أنفسهم، وبما يخدم مصالحهم كدولة ذات سيادة''. الحل السياسي الجزائري في مواجهة الحل العسكري الفرنسي ستكون زيارة وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، إلى الجزائر، يومي 15 و 16 جويلية، بدعوة من نظيره الجزائري مراد مدلسي، هامة جدا بالنظر إلى المسافة التي يقف عليها كل بلد من الأزمة المالية، حيث ألمح فابيوس كما سبق وذكرنا إلى ''احتمال التدخل العسكري في شمال مالي''، في حين تذهب الجزائر، حسب تصريح رئيس أركان الجيش قايد صالح، إلى ''ضرورة إيجاد حل سياسي ضمن الأطر القانونية''، وهو الأمر الذي تأكد مع تصريحات الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية عبد القادر مساهل، البارحة، في أديس أبابا، حيث ألمح ''إلى وجود توافق في وجهات النظر بين بلدان الميدان ومنها الجزائر والمجتمع الدولي، بخصوص حل سياسي لمشكل مالي، يتكفل بالسلامة الترابية لهذا البلد''، مضيفا في تصريح للصحافة ''إن الجزائر ما فتئت توصي وتدعو إلى الحوار بين الأطراف المالية والحكومة المركزية لمالي''، مضيفا إن ''بلدان الميدان (الجزائر والنيجر ومالي وموريتانيا) متفقة حول هذا التصور''.