شهادتا التعليم المتوسط والبكالوريا: المترشحون الأحرار مدعوون لسحب استدعاءات اختبار التربية البدنية بداية من يوم غد الثلاثاء    فرنسا : تنديدات شديدة بالاعتداءات المغربية على "مسيرة الحرية" المطالبة بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين الصحراويين    الجزائر تشارك بنيويورك في أشغال منتدى الشباب التابع للمجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة    الوكالة دربت زهاء 12 ألف خريج حول كيفية إدارة المشاريع    افتتاح جناح الجزائر بالمعرض العالمي "أوساكا-كانساي 2025" باليابان    في اجتماع مغلق حول قضية الصحراء الغربية    توقع تساقط أمطار رعدية بعدة ولايات إلى غاية اليوم    حوادث المرور: هلاك 10 أشخاص واصابة 226 آخرين    ينبغي الحفاظ على "الصورة المشرفة" للبعثة الطبية الجزائرية    الجزائر تطالب بإفراج فوري عن موظفها القنصلي بفرنسا    اتفاقية تعاون وشراكة في التعليم العالي والبحث العلمي    علاقات تاريخية مميزة مدعمة بإرادة سياسية واضحة    مولى: 82% من مناصب الشغل الجديدة بالقطاع الخاص    أرقام وآفاق ترفع الرأس    بسكرة : انطلاق فعاليات المهرجان الثقافي الدولي للشعر العربي الكلاسيكي    سفير الجزائر بمصر يطمئن على صحة اللاعب أحمد قندوسي بعد تعرضه لإصابة    تأكيد أهمية تضامن الفاعلين الفرنسيين مع المناضلين الصحراويين    نتوقّع مواقف جد متقدّمة من أعضاء مجلس الأمن    مستشفى "المعمداني" تحت القصف الصهيوني مجدّدا    تراجع في أسعار السردين بسكيكدة    تتويج أولاد الباهية (ذكور) ومولودية الجزائر (إناث) والتنظيم ينال الامتياز    رئيس الجمهورية: الجزائر تتطلع الى الصدارة الاقتصادية قاريا    زغيب يضع عِلمه في خدمة الجزائر    الكسكسي.. جزائري الأصل ب 300 صنف    الفواكه البرية خطر على الصحة    شباب يتطلعون للجمال الأنثوي    غياب قندوسي لفترة طويلة يخلط أوراق بيتكوفيتش    تكريم وجوه فنية بارزة    الدورة الثامنة من 26 إلى 30 ماي    انتعاش الدراما الأمازيغية في 2025    البيض: الطريقة الشيخية الشاذلية تأكد دعمها المطلق للموقف الرسمي للسلطات العليا للبلاد    هكذا ساهم منتخب "الأفلان" في استقلال الجزائر    السيد عطاف يترأس مع نظيره الاثيوبي بأديس أبابا أشغال الدورة الخامسة للجنة المشتركة الجزائرية-الإثيوبية    تيميمون: سوناطراك تمنح إعانات مالية لجمعيات وأندية رياضية محلية    المجلس الشعبي الوطني: مدير ديوان الحج والعمرة يستعرض آخر تحضيرات موسم الحج 1446ه    العرض الشرفي الأول لفيلم "طيور السلام" يسلط الضوء على تضامن الأطفال الجزائريين مع غزة    وزارة الفلاحة تعرض المخطط الأولي لتسيير عملية أضاحي العيد    افتتاح فعاليات الطبعة الأولى لأيام "سيرتا للفيلم القصير" بمسرح قسنطينة الجهوي    رئيس الجمهورية يشرف على افتتاح اللقاء الثاني مع المتعاملين الاقتصاديين    البطولة الوطنية للجيدو أواسط بوهران: تتويج ناديي أولاد الباهية ذكور ومولودية الجزائرإناث    على الجميع الانخراط في مسعى وطني بهدف حماية مجتمعنا    نسعى إلى تحديث آليات إدارة الأوقاف وتسييرها واستغلالها"    الصمت الدولي "جريمة موازية لا تقل بشاعة عن القتل والقصف"    محاولة فاشلة" للنيل من مواقف الجزائر النبيلة و المبدئية    يحي سعد الدين نايلي مديراً عاماً جديداً لصيدال    الوفاق يتقدّم..    منظمات وطنية تُندّد بموقف حكومة مالي    11 موقعاً جزائرياً.. نحو العالمية    عربٌ.. ولكنهم إلى الاحتلال أقرب!    إشراق شعيب تهزم البطلة الهندية بوجا بال    الكاف تراسل المولودية    على خلفية نشر صور ومقاطع فيديو لعمليات الوشم مخلة بالحياء    مجمع صيدال: تعيين السيد يحي سعد الدين نايلي مديرا عاما جديدا    السهر على توفير كل التخصصات الطبية بالمصالح الطبية الإستشفائة    كفارة الغيبة    بالصبر يُزهر النصر    الحضارات الإنسانية لا تعادي الثقافات النبيلة    الجزائر محمية باللّه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سوريا وقصة حربين أهليتين
نشر في الجزائر نيوز يوم 31 - 08 - 2012

بعد أن بدأت كثورة شعبية ضد حاكم مستبد، تحوّلت الأزمة السورية إلى حرب أهلية كاملة قد تكون لها انعكاسات خطيرة على مستقبل الشرق الأوسط. وعلى الرغم من أن التاريخ نادرا ما يعيد نفسه، فإنه يمكن في بعض الحالات استنباط أوجه تشابه بين الأحداث المختلفة. وعلى هذا، دون تشبيه الأطراف المتصارعة في وقتها بمن يتقاتلون اليوم، فإن الأزمة السورية تشترك في بعض الخصائص والسمات مع الحرب الأهلية الإسبانية التي دارت رحاها ما بين عامي 1936 و1939.
فكما كان الحال مع الحرب الأهلية الإسبانية، فإن الحرب الأهلية السورية اشتعلت بين بقايا نظام منهار ووحدات منشقة من القوات المسلحة النظامية. ففي إسبانيا، كان النظام عبارة عن تشكيل يسيطر عليه الشيوعيون ويحظى بدعم ستالين، وكان ينشر العلمانية في تحد سافر لتبعية إسبانيا للكنيسة الكاثوليكية، ونظام الأسد في سوريا هو عبارة عن تشكيل فاشي بدائي يلوح براية العلمانية ضد الأكثرية السنية المسلمة. ومن المثير للسخرية أن الأسد يحظى بدعم النظام الخميني في طهران الذي يزعم أنه يقوم على أسس دينية، وفلاديمير بوتين الذي يأمل في أن تلعب روسيا دور حامل راية “المسيحية الحقة" وأن تلعب موسكو دور “روما الثالثة".
وفي الحرب الأهلية الإسبانية، تلقى الثوار - الذين كان يقودهم في البداية الجنرالان خوسيه سان خورخو وإيميليو مولا - دعم كل من إيطاليا وألمانيا، وظلت الديمقراطيات الغربية على الحياد باسم عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول المستقلة. وقالت بريطانيا العظمى - التي كانت وقتها تحتل زعامة الديمقراطيات الغربية - إنه لم تكن هناك أي اختيارات جيدة في إسبانيا، حيث أن انتصار نظام يسيطر عليه الشيوعيون سوف يقوي من موقف الإتحاد السوفياتي، في حين أن فوز الثوار سوف يعني انتصار موسوليني وهتلر. واستخدمت فرنسا حجة أخرى لعدم التدخل، وهي أن تورط الديمقراطيات الغربية من شأنه أن يشعل حربا أوروبية أكبر حجما. وكما أظهرت الأحداث بعد ذلك، فإن قرار الديمقراطيات الغربية بمشاهدة المأساة الإسبانية وهي تدور أمامها من بعيد أحدث نفس الآثار التي كانوا يخشونها.
فعلى الرغم من خسارة ربيبه في إسبانيا، صعد نجم ستالين كحامل لراية الثورة في أوروبا، وفسر موسوليني وهتلر من جانبهما انتصار الثوار على أنه انتصار لهما وإقرار بصحة نظريتهما “القوة هي الحق"، وساعد افتقار الديمقراطيات الغربية إلى الموقف الحاسم على إشعال الحرب الأوروبية التي كانوا يأملون في تجنبها.
والحرب الأهلية الإسبانية جذبت متطوعين من جميع أنحاء أوروبا للقتال في صفوف كلا الجانبين المتصارعين، وفي سوريا أيضا انضم مقاتلون من مختلف البلدان العربية إلى الثوار، في حين وقفت عناصر من حزب الله اللبناني إلى جانب الأسد.
وتكشف لمحة سريعة على خريطة سوريا اليوم عن أوجه تشابه مثيرة للدهشة مع خريطة إسبانيا في العام الأول من حربها الأهلية. فبصورة عامة، ما زال نظام الأسد يسيطر على نحو 25 إلى 30 في المائة من الأراضي السورية، من بينها أجزاء من دمشق وحلب. وتشبه المناطق الواقعة تحت سيطرة الأسد “أرخبيلا" مكونا من 13 إلى 15 “جزيرة" تمتد من السويداء على الحدود الأردنية حتى إدلب بالقرب من الحدود مع تركيا، وأكبر هذه “الجزر" هي المنطقة الواقعة بين سلسلة الجبال الوسطى والبحر الأبيض المتوسط، وهي المنطقة الخلفية لطرطوس، ذلك الميناء الاستراتيجي الذي يشهد وجودا عسكريا روسيا متزايدا.
إلا أن السيطرة على إقليم لا يعني حكمه، وبالتالي فقد شهدت الوظائف الطبيعية للحكومة توقفا تاما في بعض المناطق التي لا تزال واقعة تحت سيطرة الأسد. وفي المناطق الأخرى، تسيطر القوات المناهضة للأسد على “الأرخبيل" الخاص بها والمكون من 10 إلى 12 جزءا من الأراضي، يقع أغلبها في منطقتي الجنوب والوسط، وهناك “جزيرتان" على الأقل بالقرب من الحدود مع العراق وتركيا يمكن اعتبارهما “مناطق محررة". وهنا أيضا، فإن السيطرة لا تعني الحكم الفعلي، بل إن أحد أكثر السيناريوهات تشاؤما بالنسبة لسوريا، على غرار ما حدث في إسبانيا في أواخر الثلاثينات من القرن العشرين، هو الانهيار الممنهج للدولة مما يحول البلاد إلى كومة مختلطة من الأقاليم التي تسيطر عليها الفصائل المتناحرة.
وقد استمرت الحرب الأهلية الإسبانية 3 سنوات تقريبا، فهل ستمتد الحرب الأهلية السورية كل هذه الفترة؟ إنه سؤال تصعب الإجابة عليه؛ لأنه يشبه السؤال عن “طول قطعة خيط"، كما يقول الإنجليز. وكما هو الوضع الآن، فإن معسكر الأسد قد يحصل على ما يكفي من الأموال والأسلحة من إيران وروسيا لمواصلة القتال بالمستوى الحالي لبعض الوقت. ومن جانبهم، فإن الثوار هم الآخرون يحصلون على ما يكفي من الدعم للمحافظة على الإيقاع الحالي لحملتهم. ويعد إعلان الأسد الأخير بأنه سوف يفعل “كل ما هو مطلوب" تهديدا خفيا باستعمال الأسلحة الكيميائية، وهو أيضا علامة على اليأس.
وبدون دعم خارجي، لا يمكن لأي حرب أهلية أن تستمر لوقت طويل، لا لشيء سوى لأن انهيار الاقتصاد المحلي يجعل من الصعب إبقاء ماكينات الحرب دائرة. وبقدر ما يتعلق الأمر بسوريا، فإن هناك سؤالين مطروحين، الأول هو: هل الديمقراطيات الغربية، التي تقودها حاليا الولايات المتحدة، جاهزة لتزويد الثوار بمستوى من الدعم قد لا تكون روسيا وإيران قادرتين أو مستعدتين لمجاراته؟ والسؤال الثاني: هل من الممكن أن يتدخل الغرب وحلفاؤه من أجل إيقاف تدفق الأسلحة والمساعدات على الأسد؟
إن معارضي التدخل الإنساني في سوريا يستخدمون بعض الحجج التي استخدمها سابقوهم بشأن إسبانيا؛ حيث يزعمون أن التدخل الغربي قد يؤدي إلى حرب أكبر تشمل روسيا وإيران وإسرائيل، ناهيك عن تركيا والعراق ولبنان والأردن. إلا أنني أرتاب في أن تظل أي من إيران أو روسيا في اللعبة إذا ما ازدادت المخاطر بدرجة كافية.
ومع ذلك، فإن خطر نشوب حرب إقليمية بفعل تأثير التنافذ لا يمكن استبعاده، فالحرب مثل الحريق من طبيعتها أن تنتشر من منطقة إلى التي تجاورها، وكلما طالت الأزمة السورية ازداد الخطر، ولن يستطيع الجبن الغربي أن يمنع نشوب صراع إقليمي أكبر، لكن تدخلا إنسانيا كبيرا ومصمما وفي وقته يستطيع، ويجب ألا يسمح لهذه الأزمة بأن تهدد هيكل الاستقرار الإقليمي في وقت يحتاج فيه الشرق الأوسط إلى التركيز على إنجاح ثورات الربيع العربي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.