اندلعت الاحتجاجات السورية في 15مارس 2011 ولا تزال شرارتها قائمة، ولا أحد يعرف إلى أين ستصير. فالنظام يلقى دعما دبلوماسيا من قبل روسيا إلى جانب دعم متعدد الأوجه من قبل إيران وحزب الله، والمعارضة من جانب آخر تلقى دعما من تركيا وعدد من الدول العربية ودول غربية كبرى، لكنها تشهد انقسامات داخلية كبيرة ، مما أثّر سلبا على فعالياتها. ووسط كل هذا ترتفع يوميا حصيلة القتلى المدنيين والمهجرين بفعل الاقتتال، وفي ظل عجز دولي للتوصل إلى حل في سوريا كل المؤشرات تدفع نحو انزلاق سوريا نحو حرب أهلية طاحنة ستؤثر على الوضع الإقليمي في المنطقة ككل. مستقبل دمشق مفتوح على كل الاحتمالات سنة من الانشقاقات في صفوف النظام والمعارضة مرت سنة على الأزمة السورية وتبقى السيناريوهات المرسومة للمستقبل السوري مفتوحة على كل الاحتمالات، فالمعطيات الميدانية على خطورتها تؤكد أن النظام في سوريا ما يزال متماسكا على كل المستويات السياسية والعسكرية، بالرغم من الحديث عن تواصل انشقاق جنود من الجيش النظامي والتحاقهم بالجيش الحر، والحال أن الأمر لم يقتصر على تماسك كبار القادة بالنظام السوري، بل امتد ليشمل الأقلية المسيحية التي يؤكد المتحدثين باسمها أن ''النظام يقوم بحمايتهم''، من جهة ثانية يستمر النظام في سوريا في تجسيد الإصلاحات التي يرى فيها العالم ''ضحك على الذقون''. وأمام هذا المشهد السوري المعقد في كل تفاصيله الذي تنشطه من جهة المعارضة في الداخل والخارج ومن الجهة المقابلة النظام، تشير أرقام المنظمات الإنسانية أن وضع المدنيين، خاصة في بؤر التوتر في تدهور مستمر منذ انطلاق المظاهرات المناهضة للنظام، فقد تفاقم عدد اللاجئين السوريين للدول الحدودية مع سوريا إلى ما يقارب 50 ألف لاجئ، كما أن ممارسات التعذيب باتت يومية، حسب ما أكدته منظمة العفو الدولية في آخر تقرير لها. ولعل أخطر الأرقام المقدمة من طرف المنظمات الدولية ولجان تنسيق الثورة تلك المتعلقة بحصيلة القتلى والتي بلغت 8000 قتيل، تقول اللجان أن غالبيتهم من المدنيين بعدما امتدت المظاهرات والتوتر إلى عدة محافظات سورية. في الغضون تجد المعارضة السورية مشكلة حقيقية في توحيد صفها، على اعتبار أنه بعد مرور سنة من ثورة المناهضين للنظام، تفاقمت الخلافات بين مختلف أطياف المعارضة، بالنظر للانشقاقات التي شهدها المجلس الوطني السوري المعارض من جهة، وعدم قدرة هذا الأخير على التوصل إلى أرضية اتفاق مع هيئة التنسيق لمعارضة الداخل التي ترفض المنحى العسكري الذي اتخذته الثورة السورية. من جهة أخرى لم تتوقف خلافات المعارضة عند هذا الحد، إذ تشير المعلومات حسب تصريحات قيادات الجيش الحر أن هناك هوة بين الجيش الحر والمجلس الوطني، على اعتبار أن الجيش المنشق يرفض أن يكون مجلس برهان غليون متحدثا سياسيا باسمه، ناهيك عن ضبابية العلاقة بين الجيش الحر والمجلس الثوري الأعلى الذي يقوده العميد الركن أحمد الشيخ الذي يروج أنه على خلاف مع العقيد رياض الأسعد، قائد الجيش الحر. والواقع أن انشقاق المعارضة امتد ليشمل المجلس الأعلى الكردي، الذي وإن ساند الثورة السورية السلمية إلا أنه أبدى انتقادات لاذعة لكل من المجلس السوري وللهيئة بعد رفضهما الاعتراف بأحقية أكراد سوريا في تأسيس فيدرالية خاصة بهم فور الإطاحة بالنظام. أمام هذه المعطيات يبقى الموقف الدولي مترددا حيال المخرج من المعضلة السورية، بالنظر لإصرار الدول الغربية على تنحي الأسد عن الحكم، في حين تستمر كل من روسيا والصين في اعتباره رئيسا شرعيا لسوريا، الأمر الذي وضع حل الأزمة في يد كبار العالم يتفاوضون عليه ويتصارعون، فإما الحل السياسي أو العسكري. الجزائر: سامية بلقاضي
المتحدث باسم الجيش السوري الحر عمار الواوي ل ''الخبر'' ''المشكلة الكبرى ليس الأسد إنما إيران والعراق ومقتدى الصدر وحزب الله''
*''وجود عناصر القاعدة في صفوفنا مجرد فزاعة لتخويف الغرب'' * انشقاق 40 ضابطا برتبة عميد من الجيش السوري النظامي
قال المتحدث باسم الجيش السوري الحر، عمار الواوي، أن الهيئة الجديدة تتقوى يوما بعد يوم حيث وصل عدد المنشقين من الجيش النظامي حوالي 50 ألف عنصر بينهم 30 إلى أربعين ضابطا كبيرا برتبة عميد. ونفى عمار الواوي في اتصال مع ''الخبر'' أن يكون ''الجنرال السوري المتقاعد مصطفى طلاس الموجود في باريس قد انشق عن نظام الأسد''. موضحا من جهة أخرى أن ''مرور سنة على الثورة السورية يشهد انشقاقات متزايدة لعسكريين برتب مختلفة نحو الجيش السوري الحر''، على حد قوله. وبالنسبة لظهور تشكيلات عسكرية جديدة إلى جانب هيئة الجيش السوري الحر، أوضح عمار الواوي بقوله إنه ''بشكل عام كل التشكيلات الجديدة تتبع الجيش السوري الحر، فلا يوجد خلافات بينها مهما اختلفت الأسماء، لأن الهدف واحد''، حسبه. وبخصوص العلاقة مع المجلس الوطني السوري، قال الواوي أن ''الجيش السوري ليس الجناح العسكري لهذا المجلس، وإنما هو الجناح العسكري للشعب السوري، بينما المجلس الوطني السوري هو الجناح السياسي للشعب، وبهذا نحن نكمّل بعضنا، وهناك تنسيق عبر قنوات اتصال مستمرة''. واعتبر المتحدث باسم الجيش الحر أن ''المشكلة الكبيرة ليست النظام السوري وإنما إيران والعراق، ومقتدى الصدر وحزب الله''. مؤكدا وجود ''معتقلين إيرانيين لدى الثوار السوريين''. وردا على سؤال يخص الموقف من دعوات قوى دولية منها روسيا لوقف إطلاق النار من الجانبين، قال عمار الواوي أن ''نظام الأسد لم يتوقف عن القتل رغم دعوات العرب والغرب، ولم يقم بسحب آلياته الحربية من المدن، ولهذا فنحن في الجيش الحر نقوم بحماية الشعب''. وعن مصدر الأسلحة التي يقاتل بها أفراد الجيش الحر، كشف المتحدث أن ''مصدرها الأساسي هم الجنود المنشقون عن الجيش النظامي، وفي مستوى ثان يحصلون على الأسلحة من خلال عمليات الإغارة على مخازن الجيش النظامي''. وطلب المتحدث من ''تركيا إمداد الجيش السوري الحر بالأسلحة''، نافيا ''وجود اتصالات مباشرة بين الجيش السوري الحر وعواصم غربية''، محيلا المهمة للمجلس الوطني السوري باعتباره ''هيئة سياسية''، على قوله. وردا على تهم وجود عناصر من تنظيم القاعدة تنشط في صفوف الجيش الحر، قال عمار الواوي إنها ''مجرد فزاعة لتخويف الغرب من دعم الشعوب، فقد استعملها قبل بشار الأسد كل من معمر القذافي وزين العابدين بن علي وحسني مبارك''. الجزائر: رمضان بلعمري
الناشط السوري ورئيس تحرير ''لوموند دبلوماتيك'' سمير العيطة ل ''الخبر'' ''أطراف تريد حلا عسكريا لإضعاف الدولة خدمة لأعداء سوريا'' مرت سنة عن انطلاق الأحداث في سوريا، كيف ترى تطور الأوضاع بعد فشل جميع المحاولات للتوصل إلى حل؟ هناك من يريدون إعادة للنموذج الليبي. وقد يؤدي ذلك إلى إحداث كارثة في سوريا. كانت فعلا مبادرات، واحدة عربية وثانية قام بها الوسيط المخول من طرف الجامعة العربية سميت ''أصدقاء سوريا'' وأخرى للوسيط المكلف خصوصا من الصين وروسيا للبحث عن مخرج. وهناك أطراف كثيرة تريد لسوريا حربا أهلية قد تؤجج الصراع الإقليمي، وذلك ما لا يريده السوريون. كوفي عنان اقترح حلا لوقف إطلاق النار بتوافق دولي. لكن الرئيس السوري يبدو غير مستعد لوقف التقتيل، في الواقع القضية السورية قد دولت... الرئيس بشار الأسد اقترح انتخابات تشريعية بعد تعديل الدستور، هل تعتبر ذلك حلا من الحلول؟ ما يطرحه الأسد لن يكون حلا، ما يطرحه لا يختلف عما طرح في مصر قبل سقوط حسني مبارك. فهذه خطوات لا معنى لها أساسا ولا معنى لها في جو العنف والاقتتال، ولا يمكن أن تجري انتخابات في هذا الجو. إن الشعب السوري يريد التحرر ليبني بلدا ديمقراطيا ومؤسسات وعدالة. كيف ترى المخرج لهذا الوضع المعقد في سوريا؟ يجب توقيف عنف السلطة فورا، ويجب على كل مكونات المجتمع السوري، سلطة ومعارضة، أن تنظر إلى المستقبل لبناء بلد أساسه الحرية والعدل، وأن ينظر إلى سوريا كبلد لكل السوريين بدون استثناء. وعلى المجتمع الدولي إيجاد حل توافقي يبعد الحرب الأهلية. فالوضع اليوم في سوريا جد معقد، لكن مهما طال الزمن أو قصر فالسلطة يجب أن ترحل وألا تترك الفرصة للأطراف الأخرى التي تريد حلا عسكريا يؤدي إلى ضعف مؤسسات الدولة، مما يخدم أعداء سوريا. وهل يخدم إسرائيل؟ حتما سيكون لصالح إسرائيل بالدرجة الأولى. الجزائر: حاوره عبد القادر حريشان
المراقب العام السابق لإخوان سوريا صدر الدين البيانوني ل''الخبر'' ''تسليح الجيش الحر واجب شرعي وسقوط الأسد مسألة وقت'' اعتبر صدر الدين البيانوني المراقب العام السابق للإخوان المسلمين السوريين، أن تسليح الجيش السوري الحر أصبح واجبا شرعيا ووطنيا ودوليا. مشددا على أن إقامة منطقة عازلة خطوة ضرورية لحماية الشعب السوري، رافضا فكرة عسكرة الثورة وجر سوريا إلى حرب طائفية. ماذا حقق الشعب السوري بعد عام كامل من انتفاضته؟ الشعب السوري لم يحقق لحد الآن انتصارا ولكنه حقق أشياء كثيرة، أولها أنه أكد بأنه مصر على تحقيق أهداف الثورة كاملة رغم القتل والتعذيب والتنكيل ودك المدن بالمدفعية والانتقام من المدنيين، لكن الشعب أثبت أنه ماض في ثورته مهما كان حجم التضحيات كبيرا. ثانيا أن الثورة السورية حققت وحدة وطنية بين مختلف مكوناته الطائفية والعرقية وكشفت عن أروع صور التضامن والتآلف بين فئاته، رغم أن النظام حاول أن يثير مخاوف الأقليات من الثورة ومن الحرب الطائفية، لكن الشعب السوري استطاع أن يتجاوز هذه المخاوف ولم ينسق إلى الحرب الطائفية. ما هي الخيارات المطروحة أمام ''الثورة'' السورية في المرحلة المقبلة؟ الشعب السوري انطلق في اتجاه لا رجعة فيه، وهذا ما أكدته المجازر الوحشية التي استهدفته دون أن تثنيه عن هدفه، فلا تراجع لاستعادة الحرية والكرامة، وكان يعتقد أن المجتمع الدولي والدول العربية سيقفون إلى جانبه ولكنهم تركوه يواجه مصيره لوحده، رغم بعض المواقف والتصريحات المساندة له ولكنها غير كافية، ولو قتل في أي بلد غير عربي وغير مسلم كل هذا العدد من البشر لما بقي العالم يتفرج مثلما يفعل في سوريا، لذلك لم يعد الشعب السوري يعوّل على أحد إلا الله، ومع ذلك فنحن متفائلون بمستقبل مشرق رغم أننا نعلم أن الشعب السوري سيدفع المزيد من التضحيات لتحقيق حريته. هل أنتم مع تسليح الجيش السوري الحر، وتشكيل منطقة عازلة بالتنسيق مع قوى دولية وإقليمية وعربية؟ بدأت الثورة سلمية، ولكن قمع النظام للمتظاهرين اضطر الشعب إلى الدفاع عن نفسه، والجيش الحر الذي تشكل من ضباط وجنود رفضوا إطلاق النار على المدنيين يقومون الآن بحماية المتظاهرين، لذلك نعتبر تزويد الجيش الحر بالسلاح واجب شرعي ووطني ودولي، وإذا كان هناك من يطرح فكرة تشكيل منطقة عازلة فإننا نعتبرها خطوة ضرورية. إذن أنتم مع عسكرة ''الثورة''؟ نحن لسنا مع عسكرة الثورة والشعب السوري لن ينجر وراء الحرب الطائفية، كل ما هنالك أن الجيش السوري الحر سيدافع عن المتظاهرين فالدفاع عن النفس حق مشروع. وهل برأيك أن النظام السوري سيسقط بالمظاهرات والاعتصامات؟ نعتقد أن نظام الأسد سقط وهو ساقط دوليا ولا يمكنه أن يستمر، فقضية سقوطه قضية وقت. هناك من يرى أن ما يحدث في سوريا مؤامرة غربية بالتنسيق مع الإخوان المسلمين لإضعاف أحد أكبر الجيوش العربية في مواجهة إسرائيل، ما هو تعليقك؟ من يتحدث عن مؤامرة خارجية فلا برهان له، وإن كانت هناك مؤامرة خارجية فهي مؤامرة على الشعب السوري من أجل أن يترك لوحده لمواجهة مصيره. الجزائر: حاوره مصطفى دالع