تطورت حركة الإضراب التي شنها سائقو القطارات، ابتداء من أول أمس الثلاثاء، إلى حدود كبيرة على مستوى العاصمة وضواحيها، وبلغت نسبة الإستجابة لهذا الإضراب حدود 75 بالمائة بهذه المناطق، وفق اعتراف المديرية العامة للمؤسسة الوطنية للسكك الحديدية التي أشارت أيضا إلى أنه سجل، أمس الأربعاء، أيضا بروز حركة تململ نسبية لسائقي القطارات بوهران لكن دون أن يؤثر ذلك على السير العام للقطارات بعاصمة الغرب الجزائري. ويبدو أن المتاعب التي يلقاها أحد سائقي القطارات - تسببت منذ مدة في حادث قطار على مقربة من محطة قورصو ولاية بومرداس - على مستوى المؤسسة هي التي كانت السبب المباشر لدخول سائقي القطارات في إضراب عن العمل من باب مساندة أحد زملائهم، وهذا على الأقل ما يظهر في حديث دخلي نور الدين مدير الموارد البشرية بالمؤسسة، في ندوة صحفية نظمت، أول أمس الثلاثاء بمقر المؤسسة، كما يبدو أيضا من خلال حديث نفس المصدر أن لا أحد يعلم متى سيتوقف هذا الإضراب وماذا ستكون تداعياته في الميدان على اعتبار أن دخلي يؤكد أن هذه الحركة الاحتجاجية أتت على نحو مفاجئ فضلا عن كون المضربين لم يضعوا على طاولة المؤسسة وإلى حد الآن أية لائحة بمطالب مباشرة ولم يتناولوا - وفق دخلي دائما- مواضيع السائق المعني بالموضوع أو الإشارة إلى أية إضراب محتمل خلال الجمعية العامة التي نظمها سائقو القطارات يوم 19 سبتمبر الماضي والتي حضرها مدير الموارد البشرية بالمؤسسة. ويظهر أن الموضوع مليء بالتعقيدات من ناحية أن الحادث الذي تسبب فيه هذا السائق خلال شهر أوت من السنة الماضية 2011 تسبب في مقتل أحد العاملين بالمؤسسة وجرح 45 شخصا آخر - وفق دخلي دائما - وبالرغم من هذه الآثار الكبيرة التي خلفها الحادث لا سيما من ناحية الخسائر البشرية، إلا أن المعطيات المتوفرة بشأن خلفيات هذا الحادث تشير إلى كون الإشارات الضوئية لم تكن تعمل عندما اصطدم هذا السائق بقطار آخر للبضائع وذلك باعتراف بن جاب الله ياسين مدير الزبائن بالمؤسسة عندما تدخل خلال الندوة الصحفية، حيث أرجع ذلك إلى جملة من العوامل من بينها سرقة الكوابل النحاسية التي تندرج في تفعيل الإشارات الضوئية وربطها ببعضها البعض. وحسب منشطي الندوة، فقد كان يفترض في هذا السائق العمل على ألا تتجاوز سرعة القطار 30 كلم في الساعة حتى يستطيع التحكم في القطار عند حدوث طارئ، وهي قاعدة عمل تلقاها هذا السائق خلال فترة تكوينه وكان ينبغي التقيد بها بغض النظر عن كل اعتبار دائما وفق منشطي الندوة. وقد تم التأكيد أن السائق - الذي كان يفترض مثوله أمام المجلس التأديبي للمؤسسة خلال الأيام القليلة الماضية - كان يسير بالقطار بسرعة تفوق 100 كلم في الساعة عند تسببه بهذا الحادث، وفق منشطي الندوة دائما. ولم يمثل هذا السائق أمام المجلس التأديبي لعدم حضور النقابيين أعضاء المجلس، حيث أُجل مثوله أمام هذه الهيئة إلى يوم 3 أكتوبر القادم وفق مدير الموارد البشرية بالمؤسسة الذي كذّب وجود تسريح لهذا السائق على اعتبار أن فترة توقيفه القانونية عن العمل قد انتهت، وهو الآن موجود بالمؤسسة لكن دون أن تسند إليه قيادة أي من القطارات. وقال دخلي إنه لن يتم الرضوخ لمنطق القوة والتهديد إذا ما حاول السائقون المضربون ربط قضية السائق بتوقيف الإضراب، مشيرا إلى كون المؤسسة قد فعلت الكثير في مجال تحسين ظروف العمل وأن القطارات الحالية تشتمل على عدة مزايا بالنسبة للسائقين على غرار التكييف والرؤية الجيدة وأجهزة قياس السرعة. وبدا دخلي خلال حديثة في الندوة الصحفية كمن يحاول الإجابة عما يتردد من جانب المضربين في مجال ظروف العمل والمزايا الممنوحة للسائقين على اعتبار أنه تمت دعوتهم وفقه دائما- للجلوس إلى طاولة واحدة ولكن دون جدوى وذلك رغم أن الدعوة تمت عن طريق الفيدرالية الوطنية للسكاكين التي تضم 300 فرع من بينها فرع سائقي القطارات. وفي هذا الإطار، قال ذات المتحدث إن إدارة المؤسسة قامت بمراجعة الأجور في وقت سابق، مشيرا - على سبيل المثال - إلى كون سائق القطار يتلقى حاليا أجرا متوسطا صافيا يصل إلى حدود 60 ألف دينار وأن هذا الأجر قد يصل ما بين 85 و 90 ألف دينار في حالة القيام بقيادة القطار لمسافات إضافية، في حين أن هذا المتوسط من الأجر الصافي كان يصل إلى حدود 29 ألف دينار فقط خلال سنة 2008. كما أكد ذات المتحدث ضمنيا أن ما يحدث أحيانا على مستوى المؤسسة هو شن إضرابات لأسباب غير مقنعة، مشيرا في هذا الإطار ومن باب إعطاء أمثلة إلى ما قام به سابقا أعوان الأمن التابعون للمؤسسة. وجاء خلال الندوة أيضا أنه يوجد 100 قطار ما بين خطي العفرون والثنية يتم تشغيلها من خلال تواجد 80 سائقا يوميا، وأن هذا الإضراب الذي شنه سائقو القطارات أدى إلى خفض النشاط العام إلى عتبة 33 بالمائة، حيث سجلت خسارة 67 بالمائة من النشاط العام لحركة القطارات . وجاء أيضا أن أولوية المؤسسة في الوقت الحالي هي تأمين النقل بواسطة رؤساء السائقين الذين قاموا بقيادة القطارات خلال فترة الإضراب زيادة على السائقين الذين لم يستجيبوا لهذا الإضراب الذي كانت إحدى نتائجه تأخر إيصال المحروقات إلى ولاية الشلف مثلا. كما جاء أيضا خلال هذه الندوة أنه يجري ضمان خدمة عاجلة للزبائن، حيث تم مثلا تخصيص 3 قطارات نحو الجهة الشرقية من العاصمة باتجاه الثنية صباحا ومساءا فضلا عن قطارين اثنين نحو الجهة الغربية باتجاه العفرون صباحا ومساءا أيضا زيادة على دمج الرحلتين المتوجهتين نحو وهران صباحا في رحلة واحدة والتمكن من تأمين رحلة القطار المتجه نحو سطيف ضمن الأمثلة التي كان يتم تقديمها خلال الندوة دائما. كما أكد مدير الموارد البشرية دخلي نور الدين أن تحديد أولوية تأمين النقل المشار إليها يتم بالموازاة مع البحث عن حلول لهذه الوضعية من خلال المفاوضات - مع المضربين - فضلا عن وجود حل آخر - كما قال- يتمثل في إرسال إعذارات للمضربين بعد تثبيت الوقائع من جانب محضرين قضائيين وفق دخلي دائما الذي أشار إلى أن إدارة المؤسسة ذهبت أيضا إلى العدالة بخصوص هذا الإضراب من أجل إعادة المضربين إلى عملهم وليس إلى معاقبتهم -حسبه- دائما.