انطلاقا من فكرة القاعدة الأساسية للسينما هي السيناريو، نظمت جمعية المخرجين المستقلين ''لنا الشاشات'' يوم أمس بقاعة فرانس فانون برياض الفتح، ندوة لمناقشة وضعية السيناريو في المغرب العربي من تنشيط الكاتب المسرحي سليمان بن عيسى رئيس لجنة التحكيم لمسابقة أحسن سيناريو، السينمائي محمد بن صالح عضو اللجنة، ومن المغرب المخرج محمد نضيف والمخرج أحمد عاطف من مصر، بحضور عدد من الصحفيين، فنانين، طلبة وهواة السينما، حيث استهل سليمان بن عيسى مداخلته بالحديث عن بدايات السينما التي لم تكن تعتمد على الكتابة بل الكاميرا أو الصورة فقط، ومع تطور السينما من مجرد نقل صورة جمالية بالاعتماد على خيال المخرج إلى ضرورة مناقشة أفكار وطرح قضايا هامة تعالج الحياة الاجتماعية للناس··· ومن تم كانت حتمية وجود كتاب متخصصين ينقلون هذه الانشغالات والأفكار عن طريق الكتابة الفنية للحركة انطلاقا من قصة أو من خيال الكاتب أو عن طريق الاقتباس من الأعمال الروائية والأدبية - وهو ما اصطلح على تسميته بالسيناريو- ويقدمونها كمادة خام للمخرج، ليصبح السيناريو من أهم وأخطر مراحل العمل السينمائي ونجاح أي فيلم مرهون بقوة أو ضعف السيناريو··· ويؤكد أستاذ السينما محمد بن صالح أن السيناريو عمل له قواعده التقنية الخاصة التي تميزه عن الأنواع الفنية الأخرى كالكتابة الأدبية والمسرحية، إذ أن كاتب السيناريو يجب أن يكتب أشياء يمكن تحقيقها سينمائيا وتحويلها من مجرد كلام إلى حركة· ولضمان تحقيق ذلك وجب - يضيف المتحدث ذاته - التفكير في إنشاء مدارس ومعاهد متخصصة لكتابة السيناريوهات، خاصة في الجزائر التي تعاني نقصا كبيرا في هذا الميدان، كما دعا إلى ضرورة إقحام مادة السينما في جميع الجامعات والمعاهد بغية نشر ثقافة سينمائية، وقد خطت جامعة مستغانم خطوة جبارة في هذا الميدان بقيامها بمبادرة تنظيم أول رسالة دكتوراة في السينما· نقطة أخرى أضافها المخرج المغربي محمد نضيف تخص الجزء الثاني للكتابة السينمائية، وهو الحوار الذي له خصوصياته ومميزاته التي تختلف عن بقية الحوارات الفنية الأخرى· مشكل آخر أثاره المخرج المغربي يتعلق باللغة، وهو كسر وحدة الفيلم من حيث الحوار والانتقال من لغة لأخرى دون وجود مبررات درامية، علما أن تقنيات المكساج تفرض حسن اختيار اللهجة أو اللغة التي تتماشى مع الصورة اعتبارا أن الحوار بالمفهوم السينمائي يعبّر عن مواقف وأفكار· ومشكل اللغة كانت أكثر المسائل إثارة للجدل بين المشاركين، حيث اعتبر بعض الحضور أن اللغة مهمة جدا في كتابة السيناريو والحوار على حد سواء خاصة في رسم الشخصيات وأن الكتابة باللغة الفرنسية لا تعبّر عن طبيعة المجتمع والمواطن الجزائري البسيط، وهي أكبر سلبية لكتاب السيناريو الجزائريين والمغاربة بصفة عامة الذين يعتمدون في كتاباتهم على اللغة الفرنسية وأحيانا نجد خليط من الحوار الذي يجمع بين الفصحى، الفرنسية والدارجة، وهو أمر لابد من تداركه، ''على حد تعبير الكاتب المسرحي سليمان بن عيسى، لأن هذا الأمر من شأنه أن يشتت ذهن المشاهد العربي الذي قد لا يفهم أفلامنا لهذا السبب'' على حد تعبيره· في حين اعتبر المخرج المصري أحمد عاطف صاحب الفيلم الجريء ''شياطين المدينة'' وخريج معهد كاليفورنيا للسينما، أن اللغة ليست مشكلة بدليل أن هناك عدة أفلام عربية سوّقت لعدة دول أجنبية ولاقت نجاحا كبيرا، على سبيل المثال الفيلم اللبناني ''سكر بنات'' الذي سوّق لأكثر من سبعين دولة والفيلم المصري ''عمارة يعقوبيان'' الذي سوّق لخمسين دولة وعرض بعدة مهرجانات دولية· ويؤكد المخرج المصري في آخر مداخلاته على الشباب المبتدئين في كتابة السيناريو على أن تكون لهم الجرأة في صناعة الفيلم بأنفسهم وبوسائلهم البسيطة، فلا نكتفي فقط - يضيف أحمد عاطف - بكتابة السيناريو ووضعه في الأدراج في انتظار تحويله إلى عمل سينمائي من طرف المنتجين· وفي الأخير، اختتمت المناقشات بدعوة إلى ضرورة الاهتمام بكتاب السيناريو ووضع قانون خاص لحماية حقوقهم ومنتوجاتهم من أي تحريف أو تبديل، وفي هذا الإطار اقترح أحد المشاركين وهو من كتاب السيناريو تأسيس جمعية تهيكلهم وضمهم على غرار جمعية المخرجين·