تعتبر السيدة تحية كاظم زوجة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر من الشخصيات النسائية القليلة التي حازت إعجاب المصريين طوال حياتها وحتى بعد وفاتها، فقد ظلت زوجة الرئيس الأسبق بعيدة عن الأضواء، ولم تحضر حفلة رسمية أو تقابل زائرا من زوار زوجها وحينما كانت تذهب لشراء حاجاتها لم يكن أي شخص يعرفها وعندما كان زوجها يحتفل بالملوك والرؤساء الأجانب لم تكن تحضر، وأنها شاركت في ذلك مرتين طوال حياتها، وكانت تعليماته واضحة لكل وسائل الإعلام بألا تظهر صورة حرم الرئيس وأن يتجنب تصويرها إذا تصادف ودعت الظروف أن تحضر مع الرئيس أحد الاحتفالات. كان عبد الناصر يتردد على منزل صديقه عبد الحميد.. حين دخلت عليه فتاة رقيقة اسمها تحية قدمت الشاي له. وحين رآها جمال لأول مرة أعجب بها وكانت شابة صغيرة.. هادئة.. رقيقة الملامح.. ولم تكن الفتاة سوى ابنة صديقه. ومع تعدد الزيارات ازداد جمال إعجابا بها فصارح والدها برغبته في الارتباط بها وطلب يدها.. ورغم تردد عبد الحميد وأشقائها بحكم الوظيفة العسكرية لعبد الناصر التي لا تمنحه إلا راتبا قليلا، إلا أن تحية حسمت الموقف.. وأغلقت أبواب التردد عندما أصر جمال على معرفة رأيها فوافقت دون تردد وتم إعلان الخطبة وتم الزفاف خلال شهرين. تزوج جمال عبدالناصر من تحية محمد كاظم سنة 1944 وهي من أصول إيرانية عاش معها حياة سعيدة قبل وبعد توليه مصر وأنجبت له 5 أولاد منى وهدى وخالد وعبدالحكيم وعبدالحميد. ولم يعهد في السيدة تحية أنها تدخلت في سياسته أو اقتربت من ملفات سلطاته، فقد عاشت 18 عاما في كنف الرجل الأقوى في مصر دون أن تكون طرفا على أي نحو وكان تقدير جمال عبدالناصر أن حياته العائلية تخصه وحده وأنه يتعين أن يكون هناك عزل كامل لأسرته عن ميادين السياسة وصراعاتها، ولا يعني ذلك أن دورها في حياته كان هامشيا، فهي على حسب تعبير محمد حسنين هيكل، كان عبدالناصر له ولاء خاص لها لا يقبل أن يغضبها أحد أو أن يحزنها.. كانت تحية في بيتها زوجة مصرية كما يريدها زوجها تماما، تقول إنهما: “كانا كأي زوجين نخرج ونستقبل الزوار، وأغلبهم من الأقارب يحضرون للتهنئة، ولاحظت أنه يفضل السينما، وأنا أفضلها". كان جمال يخرج مع زوجته تحية يوما واحدا في الأسبوع، وكان الخروج غالبا إلى السينما، وكان الموسم يبدأ بالأفلام الجديدة في سينما مترو، وريفولي وغيرهما، فكان جمال يحجز التذاكر من قبل ليختار المكان الذي يفضله، ويطلب منها أن تكون جاهزة للخروج في الوقت الذي يحدده، وذلك دون أن تطلب منه الخروج أصلا معه، بل كان هو نفسه الذي يرتب يوم الخروج. وبلغ من شدة احترام عبدالناصر لها انه لم يكن يناديها باسمها ولكن بلقب “يا مدام" في حين كان ضباط الحراسة ينادونها ب “الهانم". وأصعب المواقف التي مرت بها السيدة تحية عندما كتب يوسف إدريس مقالا غريبا في جريدة الأهرام يطالب فيه أسرة جمال عبدالناصر بترك استراحة الإسكندرية من أجل سداد ديون مصر. وتزامن ذلك مع حملة شعبية لسداد ديون مصر وبالغ إدريس في الأمر لدرجة التي بدا فيها أن ديون مصر بالفعل متوقفة علي هذه الاستراحة وجاء رد الفعل مؤثرا من السيدة تحية حين أرسلت خطابا إلى الأهرام قالت فيه إنها تتنازل عن هذه الاستراحة، وأنها لا تريد شيئا من هذه الدنيا وهي تشتاق إلى اليوم الذي تقابل فيه ربها حتي تدفن بجوار جمال عبدالناصر.