كشف مسؤول منظمة التسليح بالثورة الجزائرية “المالڤ" بمنطقة وجدة منصور بوداود أن قيادة الثورة قررت إنتاج الأسلحة محليا بالرغم من عدم توفر الإمكانيات البشرية والمادية، لكن إرادة قيادات الثورة ومجاهديها صنعت المعجزات، حيث أن القيادة اتخذت سياسة تصنيع السلاح بالإعتماد على خبرة أحد الجزائريين وهو ما كان يعرف بمهندس صناعة سلاح الثورة آنذاك وهو أحمد حمدان الذي أوكلت له مهمة صناعة “القنابل العنقودية" بمركز لصناعة السلاح أنشىء بمزرعة في وجدة المغربية بالرغم من أنه مجرد عامل بمصنع “بيجو" الفرنسي للسيارات. وقال أحمد حمدان الملقب بمهندس السلاح في الثورة إنه درس بثانوية الأمير عبد القادر، ولكنه أُرغم على البحث عن عمل، فالتحق بمصنع “بيجو" لصناعة السيارات باعتباره أكبر مصنع في العالم وقتها لأنه كان يوظف 20 ألف عامل وانتقل إلى فرنسا، وكان وقتها لحاما في المصنع الذي مكث فيه أربع سنوات إلا أن محاولات السلطات الفرنسية إستدراجه لتوظيفه لصالحها لضرب الثورة عجل بتنقله إلى المغرب بمجرد اتصال قيادات الثورة به للعمل معهم. وأضاف مهندس صناعة سلاح الثورة أنه بمجرد نقله إلى أحد المراكز بمزرعة بوجدة وجد نفسه أمام مهمة الإشراف على صناعة السلاح رفقة عدد قليل من الجزائريين الذين يفتقدون للخبرة لاسيما في مجال التسليح الذي كان من الأمور المستحيل الغوص فيها. وأشار أحمد حمدان إلى أن خبرته في مجال صناعة السيارات في “بيجو" منحته فكرة عن مجال الصناعة بصفة عامة، فطلبنا تقليد بعض الأسلحة وطلبت منهم قيادة الثورة صناعة قنابل عنقودية ألمانية الصنع لأنها عملية “ونجحنا في المهمة، حيث كان الإخوة المغاربة يأتون بمادة “الفوند" من هياكل السيارات وكذا مادة “التي.أن.تي" من الخارج في حقائب واستطاع حمدان أحمد ورفاقه صناعة القنابل بناء على حاجيات القيادة بمعدل 1200 قنبلة شهريا، وأنتجوا خلال 40 شهرا، 40 ألف قنبلة. واستطرد مهندس السلاح في الثورة في حديثه عن ظروف مهمته قائلا “أنه لم يغادر مخبر صناعة الأسلحة لمدة أربع سنوات بالرغم من ذلك فإن إصراره على نجاح الثورة زاد من عزيمته"، حيث أوضح المتحدث أنه واجه مشكل نفاذ المادة المتفجرة “تي.أن.تي" لإنتاج القنابل، فقررت السلطات المغربية بطلب من قيادة الثورة تزويدنا بمادة متفجرة تستعمل في أشغال الطرقات وهي “لاشتيدت" التي تجلبها بدورها من الخارج عبر إسبانيا في الحقائب، لكن هذه المادة تسببت في إحداث حوادث أدت إلى مقتل العديد من المجاهدين بسبب عدم تحملها الحرارة، فكانت القنابل تنفجر في وجه المجاهدين، فتقرر بعدها وقف إنتاج القنابل واعتماد سياسة إنتاج الرشاشات الألمانية خاصة، وتم جلب خبراء أجانب من قبل فيدرالية فرنسا التي يترأسها شقيق منصور بوداود وهو عمار بن داود آنذاك لوجود علاقات لدى فيدرالية فرنسا مع منظمات دولية منها الأممية الإشتراكية التي جلبت لهم 7 إلى 8 خبراء ومن يوغسلافيا وبلغاريا وكذا الصين، طلب منهم إعداد مخططات بأشكال الرشاشات المراد تصنيعها لعرضها على مهندس الثورة وهو حمدان أحمد. وكشف بوداود أن قيادة الثورة استولت على باخرة لمهربين تحوي موادا متفجرة، إلا أن محاولات الإستيلاء عليها باءت بالفشل، الأمر الذي أدى بالقيادة إلى شراء الباخرة بما فيها من بضاعة وفريق عمل ب 10 مليار فرنك في نفس اليوم الذي تم الإستيلاء فيه على طائرة بن بلة وجماعته. وأوضح مسؤول التسليح بالمغرب منصور بوداود أن الجيش المغربي رفض الإستجابة لطلب تزويد الثورة الجزائرية بالسلاح إلا في حالة منح فرنسا بلاده الإستقلال، وهو ما حدث فعلا، معترفا بالدور الذي لعبته السلطات المغربية آنذاك لصالح الجزائريين والثورة الجزائرية.