«هذه هي أسوأ اشتباكات بين التيارات السياسية تشهدها مصر منذ يوليو 52"، نيويورك تايمز. (1) أبرز أخطاء الرئيس مرسي أنه لزم الصمت الكامل ولم ينطق بكلمة واحدة طوال ليلة الأربعاء الخميس الدامية المنحوسة التي شهدت سفك الدماء وسقوط القتلي والمصابين في محيط قصر الرئاسة. ففي هذه الليلة الليلاء هاجم أنصار الإسلام السياسي المعارضين الليبراليين والعلمانيين الذين اعتصموا حول قصر، ولا شك في أن الرئيس قد أخذ علما بما يجري في الساحة الخارجية للقصر، لماذا لم يبادر بالعودة فورا إلي القصر والخروج إلي المتقاتلين بنفسه للفصل بينهم من خلال ميكروفون في يده؟ لماذا لم يأمر فورا قوات الحرس الجمهوري بمختلف تشكيلاتها بالانتشار السريع لفك الاشتباك والسيطرة علي الموقف؟ لماذا لم يأمر باستدعاء وحدات من القوات الخاصة والصاعقة للقيام بمهام دعم وتعزيز لتحركات الحرس الجمهوري؟ الأهم من كل هذا، لماذا لم يقف علي منصة عالية ولو كانت من خلف أسوار القصر لكي يؤكد من خلال الميكروفونات علي مباديء حرمة الدم، وسلمية التظاهر، وضرورة الوقف الفوري لأي اشتباكات؟ لو كان مرسي فعل أيا من ذلك لاصبح مرسي بطلا قوميا في عيون الجميع, ولكان قد أثبت للكافة إنه رئيس منتخب لكل الشعب، وكان هذا كفيلا بأن يكون يوم ميلاده السياسي الحقيقي. للأسف مرسي لم يفعل ذلك وضاعت فرصة لا تعوض. (2) الأسوأ من هذا كله أن الكلمة التي ألقاها مساء الخميس الماضي تحيز فيها مرسي بشكل غير مبرر لصالح شباب التيار الإسلامي الذين تشير كل الدلائل المنطقية إلي انهم هم البادئون بالهجوم، وإتهم المعتصمين حول القصر الذين كانوا مسالمين بأنهم طابور خامس، وإنهم كانوا يحملون أسلحة وسيوفا وأموالا لشراء الأنصار؟! ونعتقد أن كل من إستمع إلي كلمته وقر في ظنه إنه يطلب من النائب العام بعد التحقيق في الوقائع أن يصدر بيانا بإدانة وإتهام المعتصمين, بصرف النظر عما حدث فعلا. بالطبع نحن نأمل أن ينأي النائب العام الجديد بنفسه عن الخضوع لأي أوامر، خاصة وأنه معروف عنه إنه كان من المنتمين لتيار الإستقلال، وليس للإستقلال في القضاء من معني إلا رفض تسييس القضاء بالإنصياع لرغبات السلطة التنفيذية. ونعتقد أيضا أن نائب رئيس الجمهورية محمود مكي المنتمي لسلك القضاء, قد لا يرضي أبدا عن هذا الجزء من الخطاب، ولذلك نتساءل ما هي فائدة أن يكون نائب رئيس الجمهورية خبيرا بأمور القضاء إذا كان الرئيس لا يستشيره عندما يتعرض في خطبه لأمور تخص القضاء؟! لماذا خرج الرئيس مرسي علي الناس ليخاطبهم بشكل إستفزازي ولفترة زمنية طويلة تصل إلي قرابة ساعة إلا الربع، رغم إنه لم يذكر شيئا واحدا جديدا؟ (3) كيف سيكون الحال في يوم الاستفتاء؟ وهل يمكن أن يجري أصلا؟ لقد إستقال رئيس اللجنة الفنية للإشراف علي الاستفتاء، كما أن الغالبية العظمي من القضاة سيقاطعون الإشراف عليه، في هذه الظروف كيف سيتم إجراء هذا الاستفتاء بدقة؟ يقول البعض إن 2500 قاض يكفون للإشراف عليه، فهل هذا صحيح؟ إذا كان عدد اللجان أكثر من50 ألف لجنة، والدستور ينص علي الإشراف القضائي الكامل، أي قاض علي كل صندوق؟ فإن هذا بالتالي يفتح الباب علي مصراعيه لكل أنواع التشكيك في هذا الاستفتاء، ومن ثم التشكيك في شرعية الدستور وامتداد ذلك إلي التشكيك في شرعية السلطة التي ترتكز عليه، ماذا يعني كل ذلك؟ يعني أن أزمة شرعية السلطة التي سوف يجسدها عدم شرعية الدستور ستتفاقم. ترى ماذا سيفعل الرئيس مرسي في هذا الخطر الذي كان في غني عنه؟.