من كان يصدق أن تخرج هذه المرأة التي وصفوها “بالحديدية" من قاع مجتمع البسطاء.. وتأتي من الصفوف الخلفية لتجلس في المقدمة مكان ونستون تشرشل، فقد كان أبوها يمتلك محلا للبقالة! أما أمها فحائكة لملابس السيدات، وبالرغم من نشأتها وحياتها البسيطة المتقشفة إلا أن تربيتها كانت صارمة وشديدة، فخرجت للحياة بشخصية قوية قلما تتوافر عناصرها في امرأة واحدة!. اشتهرت مارغريت بين زميلاتها في المدرسة بتفوقها الدراسي علاوة على ذلك فقد كانت رياضية ممتازة، ونتيجة لهذا التفوق حصلت على منحة لدراسة الكيمياء بجامعة أكسفورد، ثم عملت بوظيفة أخصائي كيميائي أبحاث، وكانت دراستها للقانون في أوقات فراغها، وهكذا حصلت على درجتين علميتين في الكيمياء والقانون. أما زواجها فقد تم في عام 1951، من أحد الضباط السابقين في سلاح المدفعية الملكية، وهو “دينيس تاتشر" الذي كان يعمل مديرا لعدد من شركات البترول، والذي صار بعد ذلك من رجال الأعمال المشهورين، ثم أنجبت منه توأمين هما مارك وكارول. دينيس تاتشر، ساعدت روحه المرحة على تخفيف الأسلوب الخشن لمارغريت روبرتس. وأمد دينيس زوجته الصغيرة بحياة منزلية مستقرة وبالمال الكافي لكي تواصل طموحها السياسي. وكانت قوة زواجها هي الصخرة التي قامت عليها مهنتها السياسية. وبمجرد أن انتقل دينيس ومارغريت إلى شقة دينيس بعد شهر العسل شرعت مارغريت في إعادة تنظيم المطبخ ووجدت أن الفرن لا قاع له مما دعاها إلى التساؤل! فقال لها دينيس: “أنا لست مندهشا من ذلك، فأنا أحتفظ بالجن داخله". دينيس كان شخصية مرحة جدا، وكان يضحك مارغريت تاتشر بطريقة هيستيرية، فقد أدخل المرح إلى حياتها وجعلها ألطف". اشتهرت تاتشر بالثقافة الواسعة على كونها داهية، فقد كانت تؤمن بأهمية الاطلاع للإلمام بكافة المسائل السياسية والاجتماعية والاقتصادية، كما أنها بالإضافة إلى ذلك زوجة ناجحة تحرص على توفير أقصى درجات الراحة والأمان لزوجها وأولادها رغم كل مشاغلها ومسؤوليتها، وكانت تحرص على إبراز استقرارها الأسري خلال أحاديثها الصحافية والتلفزيونية. مارغريت تاتشر “المرأة الحديدية" التي حكمت بريطانيا لمدة 11 عاما، وكان يخشاها الجميع، لذا كان زوجها دينيس تاتشر محط اهتمام ومتابعة من وسائل الإعلام، إلا أنه كان يفضل الابتعاد عن الأضواء خلال تولي زوجته رئاسة الوزراء، ولم يكن لديه أي اهتمامات سياسية، حتى أنه عندما كان يتحدث للصحافة، تصدر عنه تعليقات سياسية غاية في الطرافة، مما كان يحرج مارغريت بشدة، الأمر الذي دفعها إلى منعه من الإدلاء بأحاديث وتعليقات صحفية، وتعرض لحملة شرسة من الصحف البريطانية المعارضة لحكومة زوجته ولطالما ظهرت رسوم كاريكاتيرية على صفحاتها تظهره وكأن لا هم له سوى لعب الغولف والخمر، وحين يتكلم كان يصف زوجته بالرئيسة، ولكن رغم ذلك حاول الصحفيون استفزازه فسأله أحدهم ذات مرة “يقولون إن المسز تاتشر منعتك من التصريح للصحافة لأنك أحمق، عليك أن تصرح بشيء لتثبت العكس" فقال دينيس “إن أصمت ويحسبون أنني أحمق خير من أن أصرح بشيء، فيتأكدون من ذلك". وتوافق دينيس مع زوجته على معظم القضايا السياسية، خلا بعض القضايا مثل معارضته لعقوبة الإعدام واصفاً إياها بالبشعة والبربرية في حين أنها كانت مع العقوبة. عرف دينيس بأنه كان ودودا مع الجميع. ولطالما اعترفت زوجته بمساندته لها. ففي مذكراتها كتبت: “لم يكن بإمكاني أن أستمر في رئاسة الوزراء لإحدى عشرة سنة لو لم يكن دينيس بجانبي". أما هو فقد أقر بأن دوره كان مساعدتها في تجاوز ضغوط العمل، حتى إنه نصحها عام 1989 في الذكرى العاشرة لتوليها رئاسة الوزراء أن تستقيل قبل أن تجبر على ذلك. عاشت مارغريت ودينيس حياة زوجية ناجحة استمرت لأكثر من 50 سنة حتى توفي عام 2003 عن عمر يناهز 88 سنة، وقد حزنت مارغريت بشدة على زوجها، حتى أنها أصيبت بصدمة، وخضعت للعلاج النفسي بعدها.