تميز معرض الخط العربي الذي اختتم، أول أمس، بوهران بعرض عصارة التجربة الطويلة والحافلة بالتتويجات للخطاط كور نور الدين في المجال الفني. ويقف الزائر مشدوها أمام مجموعة اللوحات الفنية المعروضة بورشته بالحي الشعبي “البدر" التي تستقي جمالها وروعتها من حركات الحروف الأبجدية، يعمل هذا الخطاط على صياغتها ليخرجها في نسق لم تتعود عليه العين ولم تألفه أنظار المحبين والمهتمين بفن الخط العربي. الجدير بالذكر أن الفنان كور نور الدين الذي أنجز أكثر من 800 لوحة في الخط العربي لازال يواصل عمله بإتقان كبير لإبراز حضارة الحرف العربي في خط إبداعي راق ينم عن احترافية مستندة إلى خبرة طويلة وبحث عميق في أصول هذا الفن الذي يعتبر جزءا من الثقافة العربية والإسلامية. ويعمل هذا الفنان الذي صمم شارة “الوهر" لمهرجان وهران للفيلم العربي على صنع مجد هذا الخط بالجزائر من خلال تطويره وإقتفاء آثار كثير من الخطاطين العرب على غرار ابن مقلة والضحاك وابن البواب الذين جعلوا من الخط العربي فنا دقيقا مفصل القواعد وثابت الأسس ويعدون رموز الخط التى أنارت الطريق أمام الأجيال اللاحقة من الخطاطين العرب. وقد اختار المبدع كور في جميع لوحاته “الخط الثلث" دون الخطوط العربية الأخرى المشهورة باعتباره من أجمل الخطوط وأصعبها، يقول ذات الفنان، الذي أشار إلى أن هذه الصعوبة ولدت لديه “تحديا" جاعلا منه “عنصرا أساسيا" في بناء أعماله التي تستمد مواضيعها من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وتنهل أحيانا من منابع الشعر العربي والحكم والأقوال المأثورة. وتنفرد أعمال الخطاط كور نور الدين في تركيبة اللوحة وتقسيماتها التي تخضع إلى أربعة نسب وهي الثلث والثلتين وثلاثة أخماس وخمسين المستمدة من القاعدة الذهبية في تكوين اللوحة مجتنبا الفراغ في خلفية اللوحة وذلك لإبراز الموضوع وإضفاء الجمالية على العمل الفني على حد تعبير ذات المتحدث. من جهة أخرى، يعتمد الفنان في لوحاته على التوافق والتباين والتدرج في الألوان التي تكون في أغلب الأحيان معبرة عن حالته النفسية مع استعمال اللون الأصفر بكثرة الذي يرمز إلى النور وحرارة الإيمان والتوهج والشعاع لاسيما في تناوله لآيات من الذكر الحكيم إلى جانب الألوان المائية والزيتية.