فقدت الساحة الإعلامية، أمس، واحدا من أبرز وجوهها، وهو شوقي مدني الصحفي السابق في ''الجزائر نيوز''، الذي وافته المنية أمس الأربعاء على الساعة التاسعة صباحا، عندما تدهورت صحته بشكل مفاجئ ولم يتمكن الأطباء من إنقاذه، وقد نقل فورا من مكان إقامته بفندق المنار بسيدي فرج إلى مستشفى زرالدة حيث لفظ آخر أنفاسه، وبقي جثمانه هناك إلى غاية مساء أمس، وينتظر أن ينقل الجثمان إلى منطقة شلالة العذاورة بولاية المدية· وكثيرا ما كان الراحل شوقي يكرر أنه موزع الانتماء بين مدينة سيدي عيسى بولاية المسيلة التي ولد فيها وشلالة العذاورة (ماجينو سابقا) التي نشأ فيها ومازالت عائلته الكبيرة تسكن فيها، ومدينة قصر البخاري التي تقيم فيها عائلته الصغيرة، وفنادق الجزائر العاصمة التي عاش حياته الصحفية مشردا بينها· وكان الراحل شوقي مدني قد أجبرته الظروف الصحية في الأشهر الأخيرة من حياته على الانقطاع بشكل كان يراه مؤقتا عن العمل الصحفي اليومي، وكان يعمل نائبا لرئيس التحرير بيومية ''وقت الجزائر'' الجديدة التي ذهب إليها قادما من ''الجزائر نيوز'' التي عمل فيها قبل ذلك، حيث ساهم فيها بكتاباته وتحليلاته المميزة·· الفقيد الذي تجاوز الخمسين من العمر ظل إلى آخر حياته يمارس العمل الصحفي الميداني، وتربطه صداقات واسعة مع الكثير من الصحفيين من مختلف الأجيال، وظل رغم سنه المتقدم نسبيا يجدد أسلوبه في الكتابة، وهي ميزة نادرة في الصحفيين الذين كثيرا ما تأخذهم المسؤولية عن ممارسة الإعلام بمفهومه المباشر· والحديث عن الزميل الراحل شوقي مدني يقود حتما إلى تجربة الصحافة الجزائرية المستقلة التي واكبها منذ إرهاصاتها الأولى، فالشاب الذي تخرج من معهد الأدب العربي بجامعة الجزائر بشهادة ليسانس سنة 1985، وجد نفسه يدخل الميدان الصحفي من ''الشعب'' إلى ''المساء'' وأسبوعية ''المنتخب'' الرياضية إلى أسبوعية ''الوقت'' التي كانت تصدر منتصف التسعينيات عن يومية ''الوطن'' الناطقة بالفرنسية، وقضى سنين طويلة من حياته الصحفية في يومية ''الخبر'' التي غادرها إلى ''الفجر''، وقبل سنة عمل ب ''الجزائر نيوز''، وكانت يومية ''وقت الجزائر'' آخر محطاته الإعلامية قبل الرحيل المفاجئ عن عالمنا· ورغم التجربة الإعلامية الطويلة بقي الزميل الراحل شوقي مدني بلا سكن ولا سيارة، مجبرا على التنقل إلى قصر البخاري في كل مرة من أجل الالتقاء بزوجته وولديه نزيه الطالب الجامعي وريم ذات ال 14 سنة من عمرها· وقبل سنتين من رحيله كان الراحل شوقي قد سئل في حوار أجراه مع أسبوعية ''المحقق'' التي توقفت عن الصدور: وأنت تعيش هذه الظروف، ألم تندم لأنك امتهنت الصحافة؟ فأجاب بالقول: ''أحيانا، لكن الصحافة تجري في عروقي· فكم من مرة حاولت التغيير، لكن سرعان ما أعود إليها وأرى نفسي ك ''الحوتة اللي ما تقدرش اتعيش خارج الماء''· الصحافة يا حبيبي رسالة نبيلة، إلا أنها في بلادنا، مع الأسف، فقدت كل معاييرها، وبات باستطاعة ''الماصو''، مع احترامي لأصحاب هذه المهنة (يقصد البناء) و''البزناسي'' إنشاء جريدة والإشراف عليها وتشغيل صحافيين شباب، بأدنى الأجور وبإمكانيات منعدمة وتغطية اجتماعية تحت الصفر ·· رحمك الله يا شوقي·