في الوقت الذي أعلنت فيه وزارة النقل عن بدء التعامل برخصة السياقة بالتنقيط في غضون شهر فيفري القادم، يبدو أن أصحاب مدارس تعليم السياقة لم يتم اقحامهم بعد في العملية رغم أنهم يمثلون حلقة مهمة فيها، وقد اتضح لنا ذلك، خلال زيارة قادتنا إلى بعض هذه المدارس، حيث فوجئنا بجهل بعض مسيريها بحيثيات النصوص المتعلقة بالوثائق الجديدة الخاصة بسياقة السيارات وبالتحديد رخصة السياقة بالتنقيط. وفيما امتنع بعض أصحاب مدارس تعليم السياقة عن التعليق على الموضوع بدعوى جهلهم بمحتواه، لمسنا عند البعض الآخر تلهفهم لمعرفة أدق الأشياء عن رخصة السياقة الاختيارية ذات اللون الأزرق وكذا الرخصة بالنقاط التي ستمنح للحائزين الجدد على رخصة السياقة، غير أن ذلك لم يمنع أحد أصحاب هذه المدارس من الحديث لنا عن رأيه في المشروع الذي سيطبق قريبا: “رغم أنني أجهل تماما تفاصيل رخصة السياقة بالتنقيط إلا أنني سأحاول التحدث إلى الزبائن عن هذا الموضوع، وكل ما أعلمه أن فكرة ادخال قانون التنقيط في رخصة السياقة آتية من الخارج، حيث شرعت منذ سنوات العديد من البلدان الأوروبية، منها فرنسا، في تطبيق رخصة السياقة بالتنقيط، وما أريد الإشارة إليه هو أن الظروف التي سيطبق فيها ببلادنا تختلف تماما عما هو موجود في الخارج، بدءا بالذهنيات السائدة في المجتمعات الأوروبية، ومرورا بالصرامة التي يتم التعامل بها في مسألة حركة المرور وانتهاء بالتقاليد السائدة هناك والثقافة المرورية". وفي الوقت الذي أبدى صاحب مدرسة سياقة أخرى استحسانه لمشرع رخصة السياقة بالتنقيط، فقد رهن نجاح العملية بعدة شروط منها ضرورة قيام السلطات المعنية بهذا المشروع بتهيئة المحيط الملائم لتطبيقه: “أعتقد أن الاشكال المطروح حاليا في مسألة حركة المرور وما تخلفه من مآسي وحوادث مميتة لا يمكن النظر إليه فقط من زاوية السائق باعتباره المتسبب الرئيسي، بل أن هناك معطيات أخرى ساهمت بقسط كبير في تفاقم الوضع في بلادنا، وأخص هنا تحديدا وضعية الطرقات عبر كافة تراب الوطن سواء السريعة منها أو الوطنية والبلدية، الأمر الذي يتطلب من السلطات المعنية معالجة هذا الملف". الفكرة جيدة.. لكن بشروط عندما طلبنا من أحد أصحاب مدارس تعليم السياقة وهو شيخ طاعن في السن لم يتردد في وصف المشروع بالمهم، مؤكدا لنا بأن مديرية مدارس السياقة عقدت مع المعنيين اجتماعا خلال شهر ديسمبر الماضي حول هذا الموضوع: “لقد أعلمونا يومها عن هذا المشروع، إلا أننا منذ ذلك الحين لم يتم الاتصال بنا، بل وأكثر من ذلك، فإن إعلان وزير النقل عمار تو عن تاريخ بداية التعامل برخصة السياقة الاختيارية لم نعلم به سوى عبر الجرائد، وكان من الأحسن والمنطقي أن نشارك في الندوة التي عقدها الوزير، لأننا ببساطة طرف فاعل في المشروع". ورغم أن صاحب مدرسة السياقة استحسن الفكرة، إلا أنه رأى بأن المشكل الكبير الذي قد يلعب دورا رئيسيا في فشل رخصة السياقة بالنقاط يكمن أساسا في عملية تطبيقه ميدانيا: “ما أخافه هو أن تؤثر الرشوة و«المعرفة" على نجاح هذه التجربة، وهذا ما يجعلني أركز على التطبيق الصارم للقوانين، وإذا حدث العكس، فإن مآل هذا القانون سيكون الفشل الذريع". وفي نفس السياق، ركز صاحب مدرسة سياقة أخرى على الظروف التي سيتم فيها الشروع في التعامل برخصة السياقة التنقيطية، حيث رأى بأن إشراك جميع الأطراف المعنية بالموضوع يبقى هو السبيل الوحيد لضمان النجاح: “رغم أنني أجهل الكثير عن القوانين الخاصة بهذه الرخصة، إلا أن اشراك كل من له صلة بها من شأنه أن يساعد على نجاحها، وأعني أساسا رجال الأمن والدرك الوطني ومدارس السياقة والمواطنين". 3 أسئلة إلى العزوني محمد (مختص في أمن الطرقات) قررت وزارة النقل إدراج رخصة السياقة بالتنقيط شهر فيفري المقبل، ألا تعتقدون أن هناك العديد من النقائص التي تكتنف تطبيق هذه الرخصة التي من شأنها أن تحول دون تحقيق النتائج المرجوة من تطبيقه؟ في الحقيقة لا بد أن نجد إجابة للسؤال المتمثل في سبب عدم اعتماد وزارة النقل نفس طريقة تطبيق الرخصة بالنقاط المعتمدة في الدول التي سبقتنا في اعتمادها مثل ألمانياوفرنسا، خاصة أن التجربة المعتمدة أثبتت نجاحها، ضف إلى ذلك لماذا تم اعتماد 24 نقطة ولم يتم اعتماد عدد أقل من النقاط؟ وبكل صراحة، أنا أجد صعوبة في فهم الطريقة المعتمدة في تطبيقه، مع العلم أنني مع مبدأ تطبيق الرخصة بالتنقيط لأنها أداة معيارية وبيداغوجية تهدف إلى جعل السائقين يتحملون مسؤولية تسيير رصيدهم من النقاط قصد الحفاظ على أمن الطرقات، والشيء المقلل كذلك أن كل الدول التي طبقت هذه الرخصة تكتفي بمنع رخصة السياقة دون الدفتر الذي اخترعته وزارة النقل، التي كان يجدر بها أن تقتدي بتجربة الدول الأخرى بدل إدخال تعديلات من شأنها أن تحيد هذا المشروع عن أهدافه الأساسية المعروفة وهي تدعيم مكافحة انعدام أمن الطرقات. الملاحظ أنه لا تفصلنا سوى أيام عن إدراجه حيز التنفيذ دون أن يكون ذلك مسبوقا بتخصيص تكوين لأصحاب مدارس تعليم السياقة المعتمدة أو الجهات الأخرى المعنية بتطبيقه، ضف إلى ذلك أن حاملي النموذج القديم تسلم لهم الرخصة بالتنقيط دون أن تحدد الوزارة آجالا لذلك. ما تعليقكم على ذلك؟ بموجب تطبيق الرخصة بالتنقيط، فإن سائق السيارة يحوز على رخصة ودفتر يحتوي على 12 صفحة وهذا الإجراء تنفرد به الجزائر لوحدها فمن الناحية المعنوية لشرطي المرور والمكلف بالمراقبة عندما يطلع على المخالفات المرتكبة وعدد النقاط الضائعة المدونة في الدفتر يتولد لديه حكم مسبق بأن هذا الشخص صاحب مخالفات وأنه متعود على هذا الوضع وبالتالي تساعد هذه الطريقة على توجيه ميول الشرطي، وهي التي يمكن أن نشبهها بوثيقة السوابق العدلية، ليصبح الأمر هنا أشبه بلعبة، لذا أنا لا أجد تفسيرا لأسباب اختلاف طريقة تطبيقه عن بقية الدول في الوقت الذي يفترض فيه أن يتم اعتماد مركز حسابات يتم فيه تسجيل السائقين بطريقة علمية وبصفة آلية يتم سحب النقاط من المخالفين لقوانين السلامة المرورية. ومن الناحية العملية، فإن الإدارة الحالية عاجزة عن توزيع ملايين رخص السياقة إذا كنا نعلم أن تجديد رخصة السياقة أو الحصول على البطاقة الرمادية الخاصة بها يستغرق سنوات قد تصل أحيانا إلى 10 سنوات، فما بالك باعتماد هذا الأسلوب وتوزيع كل هذه الرخص، إلى جانب هذا، فإن الإشكال يطرح في التطبيق بين حاملي النموذج القديم والرخصة الجديدة. يمكن للسائق أن يسترجع النقاط الضائعة في حال خضوعه لتكوين لمدة 06 أشهر في مدارس تعليم السياقة، ألا تعتقدون أن هذا الإجراء لا يخدم السائق وإنما يدفع إلى الاعتماد على أساليب أخرى للتخلص من هذه العقوبة؟ صحيح أن هذا الإجراء يفتح الباب على مصراعيه للبزنسة بالنقاط، لذا أنا شخصيا مع تطبيق النموذج الأصلي للرخصة بالتنقيط وبالتالي لا بد من إعادة النظر في هذا الإجراء، خاصة أن عقوبة سحب الرخصة لمدة ثلاثة أشهر يمكن أن تطبق على سائقي السيارات غير معقولة لأنها تحيله على البطالة المفروضة وعكس مستعملي السيارات الشخصية هذا ما يتطلب دراسة دقيقة للوضع، أنا ضد حوادث المرور وكرست معظم وقتي لمحاربة هذه الظاهرة، لذا فإن التربية والتوعية والتحسيس هي السبيل للتخلص من هذه الحوادث، وما أريد أن أضيفه هو إن الوزارة الوصية كان من المفروض أن تجري تربصا لأعوان الشرطة وتمهد لتطبيق هذه الرخصة وإشراك الفاعلين قبل اتخاذ مثل هذه الإجراءات التي تمس سلامة المواطنين لأن اللّجوء إلى أسلوب الردع لن يجدي نفعا.