إضطرت، العديد من العائلات بولاية تمنراست، بسبب الأوضاع الاجتماعية الصعبة، إلى الإستعانة بما يُحَصِّله أطفالهم الصغار من مال من خلال قيامهم بأعمال لا تتماشى مع سنهم، حيث يشتغلون حَمَّالين، خلال العطل التي يتمتع بها الكثير من نظرائهم، في حين تمثل بالنسبة لعدد من أطفال المنطقة فترة لتحمل الأعباء· عينات كثيرة من هؤلاء الأطفال وجدناهم، بصفة خاصة، بالمناطق النائية، حيث يلجأء عدد من الأولياء إلى تحميل أبنائهم مسؤولية العمل وكسب المال خلال العطل، بهدف توفير مداخيل إضافية للأسرة، وهو ما يعد من بين الأسباب الرئيسية المسؤولة عن تردي وضعف التحصيل العلمي وارتفاع نسب التسرب المدرسي، فقد أضحى تفرغ هذه الفئة للشغل الهاجس الوحيد، فمنهم من يتوجه للعمل في المقاهي والمطاعم، ومنهم من يلجأ إلى بيع الأعشاب البرية طوال النهار، غير أن الفئة التي أثارت انتباه العام والخاص هي فئة أطفال العربات المعدة خصيصا للحمالة بأسواق الخضر والفواكه، عربات يتكفل بصنعها الآباء بالإعتماد على وسائل بسطية، تسير بعجلتين في الأمام، تسخر لحمل ما لا يقوى عليه هؤلاء الصغار، وكثيرا ما تشاهد هذه العربات وهي مملوءة بصناديق الخضر والفواكه وأكياس الدقيق ومختلف أنواع المواد الغذائية، كما أن مستحقات الحمالة تدفع نقدا بالتراضي، وبطريقة جزافية، حسب المسافة المقطوعة، وهذه الطريقة تسمح لبعض الأطفال باستعمال الحيلة لتحقيق ربح أكبر وبأقل الأتعاب حيث غالبا ما يستعينون بأطفال آخرين، لا يملكون عربات، لمساعدتهم في دفع العربة وتفريغ الحمولة بسرعة مقابل بعض الدنانير، وفي كثير من الحالات يحدث شجار بين الأطفال المتنافسين على الحمولة· كما توجد فئة أخرى من الأطفال، ذوي البنيات القوية تمتهن عمل الحمالة، ويتم ذلك بتجمع العشرات منهم، منذ الفجر، أمام محلات البيع بالجملة على أمل الظفر بتفريغ حمولة شاحنات المواد الغذائية أو الدقيق أو أكياس الإسمنت أو الحديد، مقابل 150 أو 200 دينار للطفل الواحد، وهو مبلغ قليل مقارنة بالأتعاب والمخاطر التي تواجه هؤلاء الصغار·