صار فقراء فنزويلا أفضل حالا في عهد هوغو شافيز. وصرف 400 مليار دولار من عائدات النفط في مشاريع ذات فائدة مباشرة للناس. وكان صادقا في السعي إلى خفض الاحتكار والبؤس ورفع شعارات لاتينية تدعو إلى الحرية تحت اسم سيمون بوليفار، أبي الاستقلال في القارة. وساعد بأمواله على توسيع حكم البوليفاريين في الجوار. وثمة إنجازات أخرى ربما لا نعرفها. لكن في حماسه نسي هوغو شافيز أشياء أخرى، كالقانون والحرية والعدالة، 21 ألف جريمة قتل في عام، زادت المحسوبيات والاعتداءات، تدهور مستوى التعليم ومستوى المعيشة. وبدد شافيز في الخارج الكثير من الأموال دعما لسياسات تتآلف الولاياتالمتحدة ولا تفيد شعبه في شيء. أعاد إلى أميركا اللاتينية صورة كانت قد نسيتها من زمان، صورة “الغوديبو"، القائد، الذي يقسم الناس إلى موالين وأعداء. ويعتمد أفكار الشعبويين لا العارفين. وعزل بلاده عن معظم العالم، متخذا من فيدل كاسترو نموذجا وراعيا وشريكا، في زمن تغير فيه مفهوم الاشتراكية وتخلى فيه الشيوعيون عن تجربة غير ناجحة في إدارة شؤون الناس وتحقيق المساواة وإحراز أي نمو ضمن الأطر الجامدة، الموضوعة لعالم القرن التاسع عشر. لم تتلاق نوايا هوغو شافيز وطموحاته مع خبرته أو مع رؤيته للحكم والقانون. كان مزيجا من خوان بيرون، الأرجنتيني الذي أحبه الناس لكنه زعزع الاستقرار إلى عقود، ومن فيدل كاسترو الذي خلط بين كرهه لأميركا ومصلحة وحرية وتقدم الشعب الكوبي. قامت الثورات في أميركا اللاتينية على أسوأ أنواع ديكتاتوريي اليمين، لكنها انتهت إلى أنظمة ديكتاتورية ترفع شعارات اليسار. وطوال نصف قرن تنقلت بلدان القارة من جنرال إلى ديكتاتور إلى أن استقرت بعيدا عن الحكم العسكري، وحل مدنيون مصلحون في البرازيل والأرجنتين والتشيلي. وغابت أسماء مرعبة وصدئة مثل تروخيو وسوموزا ارتبطت بالجهل والفساد والجريمة. شافيز كان أول عسكري يعود إلى السلطة بعد كل ذلك الغياب الذي بدا أن لا عودة له. لكنه مثل بيرون يترك ذكرى لا تنسى عند فقراء بلاده، ومثل بيرون، تكرر فوزه بالاقتراع.